العالم - قضية اليوم
تقول المصادر إن ماكرون طلب استقالة قرداحي قبل زيارته إلى الرياض كي يمتلك في يده ورقة يستطيع من خلالها طرح مقاربته بقوة على طاولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
لا يمكن القول إن مبادرة ماكرون تشتمل على حل للأزمة، لأن هذه الأزمة قائمة على مواجهة بين الرياض وبين حزب الله في لبنان، وبالتالي فإن ما حمله الفرنسي في جعبته إلى الرياض يمكن وصفه باستراتيجية مختلفة الأبعاد تضعه في نفس الخندق مع التوجه الأميركي السعودي الإماراتي، والتوجه هذا قائم على تركيز كل الزخم الإعلامي والمادي والسياسي لتحديد مسار الإنتخابات البرلمانية في لبنان (آذار مارس المقبل).
فبالرغم من كل المساعي لإخراج قضية (قرداحي) على أنها انتصار دبلوماسي وسياسي، إضافة إلى تصوير القضية في الإعلام ضمن إطار مختلف عما هو في الحقيقة، إلا أن مخرجات هذه الأزمة أظهرت أنها لم تحقق اهدافها سياسيا ودبلوماسيا أقله من منظور تبرير الخلاف مع بيروت من قبل السعوديين، رغم كل الدعم المالي لمؤسسات إعلامية لتشويه صورة قرداحي وتشديد الهجوم على حزب الله.
ما يمكن استخلاصه من التحرك الفرنسي يشير إلى استبعاد سيناريو التحريض المباشر والمواجهة الصريحة مع أطراف معينة في لبنان، وتركيز الجهد على التحضير للإنتخابات البرلمانية بعد نحو 3 أشهر، وذلك عبر دعم الأحزاب والأطراف المناهضة للمقاومة في لبنان وهي أطراف معروفة. هذا الدعم المالي والإعلامي والسياسي والذي لا يخلو من تحريض ضد حزب الله وحلفائه، يهدف للتأثير على الرأي العام وإحداث تغيير في الواقع الحالي لتركيبة البرلمان اللبناني، بما يسمح بحصول أغلبية برلمانية ضد المقاومة تهيء الوضع للمجيء برئيس للجمهورية بتوجهات "أميركية سعودية وربما إسرائيلية" وتمرير قرارات وقوانين تستهدف المقاومة "وسلاحها" تحت عنوان ما سيسمى حينها "الشرعية" التي انتجتها الإنتخابات، والتي ستمنح التركيبة الجديدة ذريعة للتسلح بدعم غربي عربي وطلب التدخل الخارجي لمواجهة الخارجين على تلك الشرعية المأمولة.
مقاربة ماكرون، قائمة على قاعدة أن التحريض والمواجهة المباشرة والعلنية مع (حزب الله وحلفائه) لم ولن تجدي نفعا، وأن خلط الأوراق اللبنانية من الداخل قد يؤمن مصلحة الفرنسي ومن خلفه الأميركي وبعض العربي، بحيث يأمل أن يؤدي خلط الأوراق هذا إلى تغيير التركيبة السياسية في لبنان (لصالح هذا المحور) ووضع حزب الله في مواجهة مع الداخل، أو على أقل تقدير العودة إلى محاولات الفتنة المعتادة بين اللبنانيين.
بقلم - حسين الموسوي