مقتل 5 متظاهرين في بورما وإرجاء جلسة محاكمة الزعيمة أونغ سان سو تشي

مقتل 5 متظاهرين في بورما وإرجاء جلسة محاكمة الزعيمة أونغ سان سو تشي
الإثنين ١٥ مارس ٢٠٢١ - ٠١:٣٦ بتوقيت غرينتش

قُتل 5 متظاهرين مؤيدين للديموقراطية على الأقل الاثنين في بورما، غداة قمع دام مارسته المجموعة العسكرية التي حجبت شبكات بيانات الهواتف الجوّالة، ما تسبب بمنع مثول الزعيمة البورمية السابقة أونغ سان سو تشي عبر الفيديو أمام المحكمة.

العالم - آسيا والباسيفيك

وقال أحد السكان من دون الكشف عن اسمه خشية الانتقام، لوكالة فرانس برس، إن رجلين وامرأة قُتلوا وأُصيب 12 شخصاً بجروح في ميينغيان في وسط البلاد. وأكد شاهد آخر أن على بعد 300 كلم نحو الجنوب، قُتل متظاهران بعد إصابتهما بطلقات في الصدر.

ولا تتوقف الحصيلة عن الارتفاع. فقد قُتل ما لا يقلّ عن 44 متظاهراً الأحد، يوم القمع الأكثر دموية منذ الانقلاب العسكري في الأول من شباط/ فبراير.

في المجمل، قُتل أكثر من 120 متظاهراً في الأسابيع الستة الأخيرة، بحسب لجنة مساعدة السجناء السياسيين.

وكان الوضع متوتراً جداً الأحد خصوصا في هلاينغ ثاريار وهي ضاحية صناعية لرانغون عاصمة البلاد الاقتصادية، حيث أضرم أشخاص النار في مصانع صينية وقُتل 22 شخصاً على أيدي قوات الأمن.

وقالت الصين الاثنين إنها "قلقة للغاية" حيال سلامة مواطنيها. وحضّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تجاو ليجيان السلطات البورمية على اتخاذ تدابير "لتجنّب بحزم تكرار مثل هذه الأحداث".

وتتواصل ردود الجيش على الصعيد القضائي. فقد أحصت لجنة مساعدة السجناء السياسيين توقيف أكثر من ألفي شخص منذ 1 شباط/ فبراير، بينهم أونغ سان سو تشي البالغة 75 عاماً، التي لا تزال معتقلة في مكان سرّي.

وأوضح خين مونغ زاو محامي سو تشي، أنه كان من المقرر أن تمثل رئيسة الحكومة المدنية الفعلية عبر الفيديو صباحاً أمام القضاة، إلا أن الجلسة أُرجئت بسبب انقطاع خدمة الانترنت. وستُعقد في 24 آذار/ مارس الجاري.

وتلاحق اونغ سان سو تشي الحائزة على جائزة نوبل للسلام العام 1991، بأربع تهم على الأقل: استيراد أجهزة اتصالات لاسلكية بشكل غير قانوني وعدم احترام القيود المرتبطة بفيروس كورونا، وانتهاك قانون الاتصالات والتحريض على الاضطرابات العامة.

ويتّهمها أيضاً الجيش بالفساد مؤكداً أنها حصلت على رشاوى بقيمة 600 ألف دولار وأكثر من 11 كيلوغراماً من الذهب.

وبعد ستة أسابيع من التجمّعات المؤيدة للديموقراطية، يواصل الجنرالات بدون كلل قمعهم. وإزاء عمليات القتل والاضطهاد والاختفاء القسري والتعذيب، ندّد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بـ"جرائم ضد الإنسانية" محتملة ارتكبتها المجموعة العسكرية.

وكتب مقرر الأمم المتحدة الخاص لبورما توم أندروز في تغريدة الاثنين أن القادة العسكريين "يجب ألا يكونوا في الحكم، إنما خلف القضبان"، داعياً إلى وقف "تزويد (العسكريين) بالمال والأسلحة" فورا.

وفي هلاينغ ثاريار، وهي بلدة تضمّ عدداً كبيراً من مصانع النسيج، فتحت قوات الأمن النار على محتجّين بعد إضرامهم النار في عدد من المصانع الصينية.

وفي وقت كانت أعمدة الدخان تتصاعد من المنطقة الصناعية، نُشر عدد كبير من الآليات العسكرية وسمع السكان المختبئون في المنازل، أصوات طلقات متواصلة.

وتعرّض ثلاثون مصنعاً استثمرت الصين فيها، لأعمال تخريب وقُدّرت قيمة الممتلكات المدمّرة بحوالى 37 مليون دولار، وفق ما أعلنت صحيفة "غلوبل تايمز" الصينية، متحدثةً عن جريحين.

ولم تتبنَ أي جهة الاعتداءات، لكن المشاعر المناهضة للصين تزايدت في الأسابيع الأخيرة في البلاد، إذ يعتبر البعض أن بكين التي دعت إلى خفض التصعيد، لديها موقف لا يزال ضعيفاً جداً حيال الانقلابيين.

وعقب هذه المواجهات، فرضت المجموعة العسكرية الأحكام العرفية في ست مناطق في رانغون بينها هلاينغ ثاريار. وبالتالي فإن كل شخص يتمّ توقيفه في هذه الأحياء سيُحاكم أمام محكمة عسكرية وسيواجه عقوبة لا تقلّ عن ثلاث سنوات من العمل القسري.

وزاد العسكريون أيضاً قطع الانترنت: وكانت هذه الخدمة على الهواتف المحمولة لا تزال مقطوعة بعد ظهر الاثنين في البلاد. ومنذ أسابيع عدة، يتمّ قطعها ليلاً لكن تعود عادة في الصباح.

وندّدت مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة إلى بورما كريستين شرانر بورغنر بشدة بإراقة الدماء الأحد، فيما قالت بريطانيا، القوة الاستعمارية السابقة إنها "مستاءة" بسبب استخدام القوة "ضد أبرياء".

وتصمّ المجموعة العسكرية آذانها لموجة الإدانات الدولية.

وتبدأ المعارضة السياسية بتنظيم نفسها بشكل خجول في البلاد.

وأوقف عدد كبير من المسؤولين في حزب سو تشي، الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية، منذ الانقلاب، وقُتل اثنان من بينهم أثناء الاعتقال.

إلا أن بعض النواب الذين ينشط معظمهم بشكل سرّيّ، شكلوا "برلمان ظل" ليكون بمثابة هيئة تشريعية تندد بالنظام العسكري.

وأطلق نائب رئيس برلمان الظل مان وين خينغ ثان في نهاية الأسبوع الفائت دعوة لمقاومة "الدكتاتورية الظالمة". وقال في مقطع فيديو نشر مساء السبت على صفحة "برلمان الظل" على فيسبوك "نمر بأحلك الأوقات في تاريخ الأمة لكن يجب أن تنتصر الانتفاضة، وبات الضوء في نهاية النفق قريبا".

وحذّر الجيش من جهته، من أن الانتماء إلى هذا البرلمان يُعتبر بمثابة "خيانة عظمى" وقد تصل عقوبتها إلى السجن 22 عاماً.

واستحوذ الجنرالات على السلطة، بحجة عمليات تزوير واسعة النطاق في الانتخابات التشريعية التي أُجريت في تشرين الثاني/ نوفمبر وفاز فيها حزب سو تشي بشكل ساحق. وأنهى ذلك عملية انتقال ديموقراطية كانت مستمرة منذ عقد من الزمن في بورما.