لبنان بين الانتفاضة الشعبية وسعد الحريري.. تناغم ام توزيع اداور؟

لبنان بين الانتفاضة الشعبية وسعد الحريري.. تناغم ام توزيع اداور؟
السبت ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٠ - ١٢:٣٦ بتوقيت غرينتش

هل انهى سعد الحريري ما يسمى بالثورة في لبنان وماذا عن ادوار السفارات المنكفئة امام تقدم المشهد الحكومي.

العالم - لبنان

في مثل هذه الأيام من العام الفائت، كان الرئيس سعد الحريري يراقب من شرفات السراي الحكومي تنامي حركة الشارع الذي إجتاحته انتفاضة شعبية عارمة على قرارات إتخذتها حكومته بفرض ستة دولارات على تطبيق الواتساب، ويستعد بالتالي لاستقالة جاءت بعد خمسة أيام أي في 29 تشرين الأول وقلبت الطاولة السياسية، وضربت تسوية عام 2016 التي جاءت بالعماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية في الصميم، وأنهت ″شهر العسل″ الذي كان قائما بين الحريري وجبران باسيل والذي ترجم في أكثر من محطة تعاونا الى حدود التماهي بين الرجلين في التطلعات والأهداف الأمر الذي أثار حفيظة حلفاء الحريري من القوات اللبنانية الى الحزب الاشتراكي.

ويقول الكاتب السياسي غسان ريفي لقد إستقال الحريري تحت ضغط الشارع، وأكمل الحراك مشواره على جناح إنجازه الأول الذي أدى الى الاطاحة بالحكومة التي فرضت الدولارات الستة على الشعب الفقير، والذي كان أيضا الانجاز الأخير لها، حيث شهدت الساحة اللبنانية سباقا بين الشارع الذي إخترقته الأحزاب والتيارات السياسية من المستقبل الى القوات ومعهم سفارات عربية الذي أصيب بـ”انفصام” التظاهر ضد السلطة ومؤسسات الدولة، وبين تسمية حسان دياب الشخصية “التكنوقراطية” المكلف بتشكيل حكومة من المستقلين الاختصاصيين، تتابع المصادر.

نجحت التيارات السياسية في تقويض الحراك وتفريقه الى مجموعات، وضرب بنيتها التي لم تكن بالأساس صلبة، حيث لم تنجح في فرز أي إطار أو هيئة أو قيادة للمساهمة في حمايتها وتأمين إستمراريتها وإستكمال مشروعها التغييري.

في غضون ذلك، كان الدولار يشق طريقه صعودا، والمؤسسات الاقتصادية والتجارية تقفل أبوابها، والبطالة تتنامى والفقر يتوحش، والجوع ايضا، ما أدى الى إنقسام الشارع بين مؤيد ومعارض، والى تحول ما سمي بالثورة “لمن يهمه الأمر”، ولبعض الموتورين الذين حاولوا ركوب الموجات وتحقيق بعض المكاسب على ظهر الشعب.

هدأ الشارع، وبات الحراك مجرد نشاط فولكلوري في “الويك أند” للتذكير بالمطالب، ثم تلاشت ولم يعد هناك أي حدث قادر على إحيائها أو تجييشها من جديد، فالانتفاضة التي إجتاحت البلاد من أجل ضريبة الستة دولارات، لم تتحرك إحتجاجا على وصول الدولار الى عتبة العشرة آلاف ليرة، ولا على الغلاء، ولا على البطالة، ولا على فقدان الأدوية، ولا على غياب المستلزمات الطبية من المستشفيات، ولا على إنفجار 4 آب الذي دمر بيروت، بل إقتصرت إطلالته على بعض رموزها الذين تصدروا شاشات التلفزة وأشبعوا اللبنانيين تنظيرا وكلاما غير قابل للترجمة.

وتقول المصادر ان الأمر استمر على هذا الحال بعد إستقالة حسان دياب، ومع تكليف الدكتور مصطفى أديب الذي جاء من خارج النادي السياسي لكنه لم يحصل على دعم الحراك ، وصولا الى تكليف الرئيس سعد الحريري في إستشارات 22 تشرين الأول أي في الاسبوع الذي قدم فيه إستقالة حكومته قبل عام كامل، لكن ذلك لم يحرك ساكنا في الثورة ورموزها الذين حققوا إنجازا واحدا بالتزامن مع الاستشارات النيابية تمثل بإعادة قبضة الانتفاضة الى ساحة الشهداء، بينما إشتعلت بعض المدن والمناطق اللبنانية باطلاق النار في الهواء من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة إبتهاجا بتكليف الرئيس الحريري وغابت الانتفاضة عن السمع، وربما كثير ممن كانوا يتصدرون الساحات في الثورة كانوا منشغلين باطلاق النار أو بالابتهاج عبر المسيرات السيارة.

وتختم المصادر، بالأمس أجرى الرئيس سعد الحريري إستشارات نيابية غير ملزمة مع كتل نيابية وقوى سياسية لتشكيل حكومة إختصاصيين مهمتها الانقاذ وتنفيذ الاصلاحات وضبط سعر الدولار والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وإعادة إعمار بيروت، وذلك تحت إشراف الأحزاب والتيارات السياسية التي ما تزال بعد عام من الاحتجاجات تفرض نفسها بقوة وتتصدر المشهد اللبناني، بينما تستمر الانتفاضة بالتراجع حتى تكاد تنتهي.

*مراسل العالم