العلم – يقال ان
قد يسأل سائل كيف يمكن لشاب لم يتجاوز العقد الثالث من عمره عندما نصبه ابوه في منصب ولاية العهد، ان يتمكن من القيام بهذه الفظاعات ويغتصب السلطة من بين عشرات الامراء من اسرة ال سعود ممن هم اكبر منه سنا وتجربة، وبينهم العديد من اعمامه وابناء عمومته، دون ان يلقى معارضة في الداخل السعودي، او يلقى اعتراضا على الصعيد الدولي؟، الجواب على هذا السؤال و بكلمة واحدة لا غير: ترامب!.
لولا الرئيس الامريكي دونالد ترامب، الذي وجد في شخصية محمد بن سلمان، المتعطشة للسلطة، والمستعدة لتنفيذ كل ما يُطلب منه، في مقابل الوصول للعرش، لما تمكن ابن سلمان من ان يفعل معشار ما فعل، بل وان يتمادى الى الحد الذي بات اشبه بزعيم عصابة مافيا.
في المقابل وجد ابن سلمان في شخصية ترامب السلم الذي يمكنه تسلقه بسهولة للوصول الى العرش، مادام بامكانه تحقيق الهدفين الرئيسيين اللذين يسعى ترامب بكل ما يملك من قوة لتحقيقهما خلال رئاسته، الاول الحصول على اكبر قدر من الاموال وضخها في الاقتصاد الامريكي، والثاني تصفية القضية الفلسطينية، وهما هدفان افرغ ابن سلمان من اجل تحقيقهما الخزينة السعودية وضخ بمئات المليارات من الدولارات النفطية في جيب ترامب، وتنازل عن كل الثوابت الاسلامية والعربية ازاء القضية الفلسطينية حتى تلك التي كانت بحدودها الدنيا، حتى تجاوز موقف السفاح نتنياهو من الفلسطينيين، حيث شن اعلامه على الشعب الفلسطيني هجوما لم يتجرأ الاعلام الصهيوني من فعله، وشارك مشاركة فاعلة في "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية.
هذا الدعم الهائل لترامب، الذي تجاهل حتى تقرير وكالة الاستخبارات الامريكية الذي حمل ابن سلمان مسؤولية مقتل خاشقجي، جعل ابن سلمان يتمادى حتى كاد يكرر جريمة خاشقجي البشعة مع رجل الاستخبارات السعودي والذراع الايمن لمحمد بن نايف، وهو هارب في كندا، الامر الذي دفع الاخير للكشف عن ملابسات اغتياله، وتقدم اثرها بشكوى الى محكمة اتحادية امريكية، والتي أصدرت أمراً قضائياً باستدعاء ابن سلمان و13 شخصاً آخرين.
الكاتب الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، كشف في مقال له على موقع صحيفة "ميدل ايست آي"، تحت عنوان"سعد الجبري: السعودي الذي يستطيع إسقاط محمد بن سلمان"، عن ان المسؤول السابق بالاستخبارات السعودية سعد الجبري، على استعداد لمواجهة شاملة مع النظام السعودي، وقد أصبح أكثر خطورة على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مما كان يمكن أن يكون عليه الصحفي جمال خاشقجي، وأن شبح الاخير ما يزال يلاحق بن سلمان، وأن الجبري مصمم على منع القاتل من الاستمتاع بغنائم سلطته، وهو ما يقود إلى استنتاج واحد، وهو أن محمد بن سلمان يواجه الآن أكبر تحدّ خارجي لمحاولته الاستيلاء على الحكم.
ويرى هيرست إنه "لا أمل أمام الملك الغلام في تجنب النكبة سوى فوز دونالد ترامب؛ لأنه في حال خسر فإن ما حول ترامب سينهار، وتستعيد السي آي إيه ووزارة الخارجية ما كان لهما من دور في صنع القرارات، وسوف تسري رياح عاصفة عبر قصر بن سلمان في الرياض، حتى لو نصب نفسه ملكا".