العالم - قضية اليوم
الولايات المتحدة ترسل منذ بداية شهر شباط، تعزيزات عسكرية ولوجستية كبيرة إلى قواعدها في شمال شرق سوريا، بمعدل قافلتين كل أسبوع تضم كل قافلة بين 50 و100 شاحنة. هذه التعزيزات تشمل دبابات وعربات مدرعة بأحجام مختلفة، وصواريخ مضادة للدروع، وطيارات بلا طيار، وذخائر، هذا النشاط الأمريكي الملحوظ يأتي ضمن الخطة التي تنفذها واشنطن على الأرض في تلك المنطقة، من اعادة التمركز في قواعد قديمة، والعمل على انشاء قواعد جديدة، لتثبت أمريكا يوما بعد يوم ان الكذب السياسي هو جزء من تعاطيها مع الاخرين، وان الحديث عن الانسحاب واغلاق الأبواب ما هو الا تكتيك ضمن استراتيجية واضحة، تتلخص بمصلحة امريكا بديمومة الحرب في سورية، وامتلاك أوراق سياسية للتأثير في مصير العملية السياسية والحل القادم في البلاد، وكل الكلام الأمريكي عن الانسحاب او تخفيض عدد القوات ما هو الا ترهات وكذب يمارسه ترامب وادارته بشكل فاضح، حيث كشفت مصادر مطلعة ان القوات الامريكية، بدأت تحويل بيوتاً قديمة قرب دير الزور إلى ثكنات ومراكز عمليات عالية التقنية، وقامت بالاستيلاء على 1000 دونم من الأراضي في محيط حقل كونيكو للغاز بريف دير الزور الشمالي الشرقي خلال الأيام القليلة الماضية، لتوسيع قاعدتها اللاشرعية في حقل كونيكو من خلال ضم ال1000 دونم المستولى عليها بعد تجهيزها ووضع سور من الأسلاك المعدنية الشائكة حولها. المصادر بينت ان القوات الامريكية نشرت ثلاث بطاريات، باتريوت، في القاعدة الأمريكية، الموجودة في حقل “كونكيو” النفطي، وانها تسعى لنشر المزيد من البطاريات المماثلة في عدة مواقع لها في ريف المحافظة.
لا يقتصر عمل القوات الامريكية على ضجيج الارتال، واصوات المعاول التي توسع القواعد وتبني الجديد منها، بل تمارس دورا يوضح ان سرقة النفط السوري أيضا أولوية لها، حيث أكدت مصادر أهلية ان خمس عربات عسكرية مصفّحة تابعة للقوات الامريكية دخلت إلى موقع محطة “غونة” النفطي، في بادية الحسكة الجنوبية الشرقية والتابعة لمديرية حقول نفط الجبسة في منطقة الشدادي. وذكرت المصادر أن العربات دخلت إلى المحطة النفطية صباح اليوم بحماية طائرات حوامة تابعة للقوات الاميركية. وأوضحت أن العربات كان بداخلها عدد من الجنود الأميركيين، وبعد دخولهم إلى مبنى المحطة قاموا باستجواب العاملين فيها، واستفسروا عن آلية سير العمل ومواعيد جداول المناوبات وانتاج المحطة اليومي. وأشارت المصادر إلى أن دخول عربات الجيش الأميركي إلى مواقع النفط والغاز التابعة لمديرية حقول الجبسة، ازدادت خلال الفترة الأخيرة، وذلك من المعابر غير الشرعية مع العراق ومن مقر القاعدة العسكرية غير الشرعية التابعة لهم بمدينة الشدادي. وأشارت إلى أن العربات تقوم بالتجوال في محيط تلك المواقع، قبل أن تتجه شرقاً باتجاه محور مناطق رجم الصليبي والحسو ورجم العيال على امتداد الحدود السورية- العراقية.
إن إدارة ترامب التي تعتمد على جناح متشدد داخل البنتاغون، وعلى راسه ماك ماستر، والجنرال ديفيد بترايوس، تسعى الى إعادة احياء داعش في تلك المنطقة من الجغرافيا السورية، ما يفرض تعاونا بحسب المسؤولين الأمريكيين مع شركائهم فيما يسمى بالتحالف الدولي، والبقاء لفترة أطول في الداخل السوري، والاستمرار في ارسال المزيد من الجنود الأمريكيين، لتكون الى جانب حلفائهم في قسد، وهذا يوضح إعلان البنتاغون إعادة تفعيل ما اسماه زوراً " عمليات مكافحة الإرهاب في سوريا بعد توقف مؤقت"، وذلك على لسان الجنرال كينيث ماكنزي قائد القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية، والذي يعني مد جسور زمن بقاء القوات الامريكية في المنطقة التي تعتبر الخزان النفطي الأهم للدولة السورية، والسلة الغذائية الرئيسية، اي استمرار حرمان الدولة السورية من مواردها الرئيسية، ومحاولة قطع الطريق الواصل بين دمشق وبغداد نحو طهران.
ومن وجهة نظر أخرى، لا يمكن النظر للإمدادات العسكرية الامريكية التي تدخل بشكل متسارع الى الداخل السوري، بمعزل عن السياق الإقليمي. إذ إن تزايد النشاط العسكري الأمريكي يأتي بعد فترة وجيزة من تصاعد احتمالات اندلاع حرب إقليمية، والإصرار العراقي على انسحاب القوات الامريكية من العراق، والعمل في محور المقاومة على انهاء الوجود الأمريكي في المنطقة، بعد اغتيال اللواء قاسم سليماني ورفاقه، وهذا يؤكد ان ما يدفع الأمريكي الى كل تلك التعزيزات، ليس سرقة النفط وحسب، بل معرفتهم الاكيدة بأن وجودهم في المنطقة بات مسألة وقت، كونهم يدركون جيداً، ان من وعد سينفذ، وان هذا الوجود سينتهي ببركة دماء الشهداء.
حسام زيدان