العالم - يقال ان
الانسحاب الامريكي هو بمثابة ضوء اخضر اعطاه الرئيس دونالد ترامب لأردوغان لتحقيق حلمه "العثماني" القديم في اقتطاع اراض من سوريا ، اكبر من مساحة لبنان، وضمها الى ممتلكات السلطان الثماني الجديد، لاسيما بعد ان اعلن ترامب ان مواصلة دعم القوات الكردية المتحالفة مع امريكا في المنطقة مكلف للغاية، داعيا الاكراد الى تسوية اوضاعهم مع تركيا وباقي الدول الاخرى.
قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي صدقت الوعود الامريكية بعدم السماح لاردوغان بالقيام بأي عمليات عسكرية ضد المناطق الكردية شمال سوريا، وصفت الاجراء الامريكي بانه "طعنة بالظهر" وجهتها امريكا للاكراد، كما جاء على لسان المتحدث باسم "قسد" كينو جبريل.
التطورات الدراماتيكية التي تشهدها الساحة الكردية في شمال سوريا هذه الايام، لم تكن مفاجئة للعارفين بسياسة امريكا التي لا تقوم على اي مبادىء اخلاقية حتى في حدودها الدنيا، بل على مصالح امريكا فقط وعلى راس هذه المصالح مصلحة "اسرائيل"، وبإمكانها ان تضحي وبكل سهولة بكبار وصغار من تعتبرهم حلفائها، اذا ما رات ان العلاقة التي تربطها بهم لن تصب بقضها وقضيضها في مصلحتها.
كان واضحا منذ البداية ان فتح اردوغان حدود تركيا امام مئات الالاف من التكفيريين للدخول الى سوريا لاضعافها وانهاكها، وكذلك فتح حدود بلاده امام اللاجئين السوريين لدخول الاراضي التركية، ليتحولوا الى ورقة ضغط يستغلها من اجل تنفيذ مخططة الرامي باقتطاع اراض واسعة من سوريا بذريعة اقامة "منطقة امنة" واسكان اللاجئين السوريين فيها.
المؤامرة التركية ضد وحدة الاراضي السورية كشف عنها الرئيس التركي إردوغان، علنا وامام زعماء العالم خلال كلمته امام الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرا، عندما بين حدودها التي تمتد طولا على نحو 500 كليومترا وعمق بين 30 الى 50 كيلومترا.
صحيفة "الاخبار" اللبنانية نقلت عن الإعلام التركي تفاصيل هذه الخطة التي تهدف إلى بناء 10 أقضية، عدد سكان كل منها 30 ألفاً، ويتبع لها 140 قرية، وسكان كل منها خمسة آلاف. وسيكون في الأقضية والقرى عشرات المدارس وجامعة وجوامع ومستشفيات وملاعب ومدن صناعية وأراض للزراعة، وهو ما سيكلف حوالى 25 مليار دولار لإسكان مليوني سوري ستجمعها أنقرة من المساعدات الدولية.
هذه الجريمة الكبرى التي ينوى اردوغان ارتكابها ضد الشعب السوري ، تتجاوز مفاعليها جرائم الابادة الجماعية والتطهير العراقي، فاردوغان يتعامل مع شمال سوريا، كتعامل عصابات الصهيونية مع فلسطين المحتلة عندما اعتبروا فلسطين ارضا بدون شعب لشعب بدون ارض، فهو يرتكب جريمتين في ان واحد ، من جانب يطرد الاكراد من مناطقهم بالقوة، ويوطن مكانهم اكثر من مليوني سوري بالقوة.
امام غدر الامريكيين ، واصرار اردوغان على اقامة "جيب عثماني" في شمال سوريا لا مكان فيها للاكراد، ليس امام القيادات الكردية من خيار الا العودة الى حضن الدولة السورية قبل فوات الاوآن، والحيلولة دون تنفيذ اردوغان لمخططه "العثماني" الكارثي، فخلافات الاكراد مع الحكومة السورية ، مهما بلغت، الا انها لا تبلغ مخاطر محتل لا يعترف للاكراد السوريين بحق العيش على ارض ابائهم واجدادهم.
نبيل لطيف / العالم