العالم - قضية اليوم
الافتقار الى هذه الرؤية الموضوعية، جعل السياسة الاميركية تتخبط وبشكل بائس، فتارة تفرض شروطا تعجيزية على ايران قبل الدخول في اي مفاوضات معها وتهدد بـ"محو ايران او اجزاء منها من الوجود" ، وتارة اخرى تعلن عن استعداد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو للتفاوض مع ايران دون شروط مسبقة، بل ان الاخير اعلن عن استعداده زيارة ايران في اي وقت يحدده الايرانيون.
قيل الكثير عن اسباب الورطة التي حُشر فيها ترامب ، والتي حَشر بدوره العالم فيها، إثر انسحابه الارعن من اتفاق دولي وقعته بلاده الى جانب القوى العالمية الكبرى مع ايران، منها كراهيته العنصرية لكل تراث سلفه باراك اوباما، ومنها حبه المرضي للاضواء وان يكون في قلب الحدث دائما، الا ان هناك اسبابا اخرى اقوى يمكن ان تضاف الى ما ذكرنا.
هيمنة اللوبي الصهيوني على الفريق المتصهين الاميركي الذي يقوده ترامب اليوم، كان من اهم اسباب توريط ترامب في الخروج من الاتفاق النووي وفرض الحظر على ايران، وهذه الحقيقة اعترف بها رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، عندما اعلن صراحة انه هو من اشار على ترامب بتشديد الحظر على ايران، بعد ان اقنع القيادة الاميركية، بـ"خطورة" الاتفاق النووي ، وضرورة الغائه.
سياسة حافة الهاوية التي اعتمدها ترامب ضد ايران، والتي وصل فيها الى آخر مدياتها، بعد ان انهى الاعفاءات التي سمح بها لثماني دول من شراء النفط الايراني، وهدد دول العالم وحتى الحلفاء بانهم سيعاقبون من قبل اميركا اذا ما اشتروا النفط الايراني، ترافقت هذه السياسة بشق عسكري صارخ تمثل بارسال حاملة طائرات وسفن حربية وبطاريات باتريوت وجنود الى المنطقة، هذه السياسة لم تترك لترامب من مجال للتراجع بعغد ان صعد الى قمة الشجرة، كما لم تترك لايران من خيار الا رفض الاستسلام والتصدي لسياسة ترامب الهوجاء.
لولا تعصبه ، ولولا افتقاره للتجربة السياسية، ولولا جهله المطبق فيما يخص الاوضاع في ايران، لما كان وقع ترامب في حبائل نتنياهو، الذي جند ترامب وادارته لصالح الكيان الاسرائيلي، بفضل وجود صهاينة عتاة في البيت الابيض ، مثال صهره جاريد كوشنر، ومستشاره للامن القومي جون بولتون، ووزير خارجيته الثرثار بومبيو.
ما قاله نتنياهو لترامب عن ايران، كذبته حقائق الميدان والرد الايراني الحازم والحاسم على كل اجراء اميركي او غربي، فلم ترتعد فرائص ايران لوجود حاملات الطائرات، ولم تتراجع امام الحظر ، ولم تستنجد الاخرين للتوسط بينها وبين اميركا، بل ردت على الصاع بصاعين، واعلنت جهارا نهارا انها ستقلص التزاماتها بالاتفاق النووي، وهو ما تفعله الان، هذا فقط هو السبب الاول والابرز والاهم ، وراء تخبط ترامب وادارته في التعامل مع ايران، وعلى هذه الادارة ورئيسها بعد اليوم، ان يفكرا الف مرة قبل الاستماع لـ"نصائح" نتنياهو حول ايران.
ماجد حاتمي / العالم