العالم - قضية اليوم
ما تحقق في الفترة الاخيرة من خلال اتفاق سوتشي، وهذا ينطبق على سياسة الدولة السورية ايضا، هو ان الحروب الاهم هي التي نكسبها دون دفع كلفة في الأرواح والممتلكات، وبالتالي نحن في في هذه المرحلة نحصد مكاسب متعددة، وهو امر يحسب ضمن الاستراتيجية الناجحة، للدولة السورية والحلفاء في هذا الجانب، وما يفسر هذا بنظرة سريعة لجوهر تكتيك الدولة التي تسعى للخروج من معركة ادلب دون خسائر بشرية وشهداء، بالاضافة الى المساهمة في تقليص الخسائر المادية، الا ان هذه الاستراتيجية تبقى واضحة بما يخص عودة تلك المناطق لكنف الدولة السورية ان كان بالحرب او بالمصالحة، او بالاتفاق السياسي، وهذا طبعا يستند الى قدرة كبيرة على المناورة والتكتيك، من جانب الدولة السورية والحلفاء، واساليب ذكية بكسب الوقت، والتي ضيقت كثيرا هامش المناورة السياسية على الاتراك وحلفائهم من الاميركيين والاوربيين، ضمن معرفة يقين مطلق لدى اعداء سوريا، على ان نتائج المعركة العسكرية التي سينتصر بها الجيش في ادلب، سيكون لها نتائج خطيرة على الداخل التركي والاميركي والاوربي معاً، وهذا االتكتيك وكسب الوقت، يستخدم فيه الجانب السوري عوامل عدة، تساهم في تحطيم ارادة القتال والصمود، بالتوازي للاستكمال التحضيرات للعملية العسكرية القريبة، ومن الواضح تماما في هذا الوقت ان مسألة العمل العسكري مازالت قائمة، والمعلومات الخاصة تتحدث عن انها قريبة جدا في منطقة جسر الشغور، فدخول الجيش السوري إلى جسر الشغور في ريف ادلب ومنطقة كبانة في ريف اللاذقية سيكون بالسلم او الحرب وهذا اكيد، وكلما ماطل التركي باستغلال الوقت لن يؤثر على استعدادات الجيش السوري في تلك المنطقة، يترافق ذلك كله مع اتساع دائرة الخلاف بين المجموعات المسلحة، والشقاق بين الارهابيين والاهالي في المناطق التي بدأت تعاني من نتائج اجتماعية خطيرة لتواجد الارهابيين في مناطقهم، وبالذات ما يخص تزويج القاصرات لأمراء مسلحين غير سوريين والكثير منهم مصريون، وما يجب التأكيد عليه ان المخابرات السورية لديها كل التفاصيل عن المنطقة، ومن تلك التفاصيل ما يتم التحضير له حول نقل المسلحين من تلك المناطق واخراجهم من ادلب، بعد الطلب من بعض المسلحين التركستان اعداد جوازات سفر مزورة لهم لتسفيرهم نحو بعض الدول، وإن احد القادة المسلحين الشيشانيين شوهد في افغانستان خلال هذا الاسبوع، وحاليا لا يبحث سوى ملف الاجانب المسلحين الموجودين في ادلب، لأنه لا تركيا ولا اوروبا تريدهم، وهذا ما يفسر البحث المتواصل عن ساحات جديدة يتم زجهم فيها، ما يجعل مناطق عدة تحت طائلة خطر هؤلاء الارهابيين، ومنها ليبيا وافغانستان وسيناء في مصر، ولا يستثنى من ذلك لبنان، ما يتطلب الان استنفارا على المستوى الامني، لتنفيذ ضربات امنية استباقية، وتحديات على مستوى الامن الوقائي، وبالذات في سوريا ولبنان والعراق، التي من المرجح عند انتهاء الوجود الارهابي في ادلب، ان تتحول تلك المجموعات الى العمل تحت الارض وعبر خلايا نائمة.
ان انتقال الحرب الى مرحلة جديدة من المعارك، الغالب عليها الطابع السياسي والاستراتيجي، حقق فيه محور المقاومة نتائج مهمة كسرت عدة خطوط توازن رسمها الغرب، وبالذات فيما يخص معركة ادلب، وسينتقل لمرحلة اوسع من الانتصارات الاستراتيجية بعد انهاء معركة ادلب والتوجه شرقاً، لانهاء التواجد الاميركي والفرنسي والبريطاني، بعد تثبيت خطوط الامداد القادمة من طهران عبر بغداد الى سوريا ومنها الى لبنان وفلسطين، ما يشكل تأثيرا جذريا على اليات المعارك القادمة مع كيان الاحتلال الاسرائيلي، وستكون لمعركة ادلب في الايام القادمة، كلمة ذات صدى واسع في تثبيت معادلات جديدة، هذا كله يفسر التحضيرات الكبيرة لمعركة كسر المشروع الاميركي في ادلب، وهذه المعركة باتت معلومة النتائج في المرحلة القادمة، بالطبع لمصلحة الدولة السورية والحلفاء.
حسين مرتضى - العالم