العالم- تقارير
أضف الى ذلك الإمبراطوريات الإعلامية للدول الغربية وعميلاتها الاقليميات التي كرست كل مهامها للتركيز على ما يحاك ضد سوريا وشعبها لأنها باتت الداعم الأول والأقوى لتيار المقاومة المتنامي في المنقطة، اي ما يعني ان أمن الكيان الإسرائيلي المحتل بات على كف عفريت، بعد ان إستلهم الشعب الفلسطيني معالم التصدي للمحتلين من تيار المقاومة في المنطقة.
وما أن تحرك الشعوب العربية في شمال افريقيا وإصطدم الغرب برياح التغيير التي حملتها صحوات الشعوب، حتى راح يمهد لتدخلاته في سوريا بأنها دعم لثورة شعبية، ويبرر هجمات الجماعات الإرهابية التي إنبثقت وتدربت في دول أوروبية- غربية بأنها معارضة سورية تريد التخلص من النظام الحاكم.
واستمر الأمر لأكثر من خمس سنوات والإعلام الغربي يروج لإسقاط النظام في سوريا، عسى ان يتمكن من تحقيق ما لم يتمكن من تحقيقه خلال سياساته العدوانية وتدخلاته عبر اصابعه في المنطقة.
أما الدولة السورية التي وجدت نفسها أمام أمر واقع لم يكن أمامها سوى خيارين كلاهما مُر، ولايمكن قبوله بأي حال من الاحوال، ما دفعها للإعتماد على طاقاتها وامكانيات الحلفاء.
فقبل كل شيئ فتحت الدولة السورية باب التطوع للدفاع عن حياض البلاد والهوية السورية ومنع أي نوع من التقسيم أو انهيار السيادة السورية، ومن ثم اللجوء لإمكانيات الدول الحليفة وفي مقدمتها العراق وايران بحكم الجوار والقرب الجغرافي، وفي الدرجة الثانية الإستعانة بروسيا بإعتبارها قوة عظمى ودولة عضو في مجلس الأمن ولها حق الفيتو، وهي حليف تقليدي للدول السورية لأكثر من ستة عقود.
وعلى الصعيد الداخلي إعتمدت الدولة السورية الخطط الداخلية لحلحلة أي معضلة يعاني منها أبناء الشعب بما في ذلك الحريات والمشاركة في الحكم والقرارات المصيرية، بحيث انها تمكنت ومن خلال فتح باب الحوار حتى مع المعارضين التقليديين ليعودوا الى البيت السوري الموحد.
فكان صدى تأثير الحوارات الداخلية والمصالحات الوطنية أكبر وأوسع من كل التدخلات الأجنيبة والزيارات الأجنبية المكوكية المزعزعة لأمن سوريا، ماجعل الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة الامريكية تذعن لها، خاصة بعد ان حضيت هذه المحادثات والمصالحات الوطنية بدعم القوى الضامنة لحوار أستانا الذي جاء ليدعم حوارات جنيف للحوار والمصالحات السورية.
ولا ننسى دور الشعب والإعلام السوري في تحمل الصعاب وتسجيل انجازات عجز الغرب عن استيعابها بل وحتى تصورها.
أضف الى ذلك ان حلفاء سوريا بدءا من قوات المقاومة الاسلامية المدافعة عن العتبات المقدسة والتراث الاسلامية القادمة من لبنان والعراق والحضور الاستشاري العسكري لإیران بدعوة من الحكومة السورية الشرعية، أوجدوا حصارا منيعا حول سوريا وشعبها ومنعوا المتربصين بسوريا وشعبها من تحقيق اهدافهم على ارض الواقع.
ومما لايجب نسيانه حضور القوات العسكرية الروسية على الأرض السورية ونشاطها السياسي الداعم لسوريا في الأوساط الإقليمية والدولية وخاصة مجلس الأمن بات أمر لا يمكن نكرانه، فلولا وقوف سوريا في مجلس الامن بوجه امريكا ومخططاتها ضد سوريا، لكانت الأخيرة تحت رحمة البند السابع لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لتتشبث واشنطن بذلك وتشن هجماتها العسكرية على سوريا، قبل ان يوافق عليها مجلس الامن وحتى الكونغرس الامريكي نفسه.
وخلاصة الكلام ان واشنطن وبعد فشل مشروعها في تقسيم المنطقة وإعادة ترتيب ما كانت تطمح اليه في ظل تأسيس "شرق أوسط كبير" يكون الكيان الاسرائيلي المحتل المحور والأقوى في المنطقة، لجأت لزعزعة دولها تحت ذريعة الربيع العربي ورياح التغيير، التي كانت تتمنى تنال من ايران واستقرارها الذي اصبح نموذجا يتحدث عنه الجميع في كل أنحاء العالم.
*عبدالهادي الضيغمي