تدهور الحالة الصحية لمئات المعتقلين بمصر

تدهور الحالة الصحية لمئات المعتقلين بمصر
الثلاثاء ٢٤ يوليو ٢٠١٨ - ٠٦:٢٤ بتوقيت غرينتش

تشهد السجون المصرية تدهور الحالة الصحية لمئات المعتقلين، من بينهم العديد من النشطاء السياسيين من مختلف الانتماءات، حتى أن بعضهم أعلن الإضراب عن الطعام؛ اعتراضا على سوء المعاملة، ومنعهم من تلقي العلاج اللازم لهم.

العالم - مصر

ويقول نشطاء حقوقيون إن النيابة تواصل تجديد حبس مئات المعتقلين، رغم تدهور حالتهم الصحية، فيما يؤكد محاموهم أنهم يواجهون صعوبة كبيرة وتعنت في تسجيل الحالات المرضية في محاضر النيابة.

وتطالب منظمات حقوقية، محلية ودولية، بمنح المعتقلين حقهم في تلقي العلاج، وفقا لما تنص عليه القوانين والمواثيق المصرية والعالمية، لكن مطالباتهم هذه لا يستجاب لها إلا فيما ندر.

إضراب بسبب المعاناة 

وقالت المحامية بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، مي حامد، إن الحالة الصحية للناشط رامي السيد عضو حركة "شباب 6 أبريل"، الذي حكم عليه بالسجن 10 سنوات، تدهورت نتيجة التعسف ضده، وكشفت أن السيد أعلن الإضراب عن الطعام منذ أسبوع؛ اعتراضا على سوء المعاملة.

من جانبها، قالت ندى، شقيقة الصحفي المعتقل معتز ودنان، إن أخاها يتعرض للضرب والاعتداء؛ لإجباره على فض إضرابه عن الطعام، مؤكدة أن حالته الصحية متدهورة منذ عدة أسابيع، وأنه فقد نصف وزنه تقريبا.

وأكد عمرو محمد، محامي ودنان، أن صحته تدهورت، وبدا ذلك ملحوظا أثناء حضوره التحقيقات، حيث لم يعد قادرا على الوقوف دون مساعدة الآخرين، لافتا إلى أنه ما زال محبوسا في زنزانة انفرادية منذ أكثر من خمسة أشهر، وممنوعا من التريض أو رؤية أسرته.

وقالت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، في بيان لها الجمعة الماضية، إن الناشطة السياسية أمل فتحي باتت تعاني من وضع صحي ونفسي سيئ للغاية، وأصيبت باكتئاب ثنائي القطب، وهو ما يشكل خطرا على حياتها، كما أن طبيب السجن أكد إصابتها بشلل في القدم اليسرى.

كما طالبت منظمة العفو الدولية، الأسبوع الماضي، السلطات المصرية بالإفراج عن أمل فتحي، وقالت إن النيابة جددت حبسها على الرغم من تدهور حالتها الصحية.

وفي هذا الإطار، قالت رشا، شقيقة المدون وائل عباس، إن شقيقها، الذي تم اعتقاله في 23 أيار/ مايو الماضي، حالته الصحية متدهورة في محبسه، ويعاني من حالة إعياء شديدة، ولا يستطيع الحركة بمفرده، حتى إن زملائه يساعدونه للذهاب إلى دورة المياه.

وأضافت رشا، في تصريحات صحفية، أن طبيب السجن أعطى لشقيقها دواء غير مؤثر؛ لخفض درجة حرارته فقط.

وكشف المحامي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، عمرو إمام، تدهور الحالة الصحية للناشط السياسي المعتقل حازم عبد العظيم، موضحا، في تصريحات صحفية، أنه يعاني من آلام في مفاصل العظام، ويحتاج لإجراء عملية تغيير مفصل الحوض، لكن إدارة السجن ترفض السماح له بذلك.

شيخوخة ومرض 

أما رئيس حزب مصر القوية، عبد المنعم أبو الفتوح، المعتقل منذ شباط/ فبراير الماضي بتهمة التحريض ضد مؤسسات الدولة، ومحاولة تغيير نظام الحكم بالقوة، فأكدت هيئة الدفاع عنه تدهور حالته الصحية داخل محبسه.

وقال نجله أحمد، الاثنين عبر "فيسبوك"، إن والده ممنوع من جميع حقوقه التي كفلها القانون، مؤكدا أن إدارة السجن منعت نقله إلى المستشفى، ومنعت دخول الأدوية اللازمة له، رغم تعرضه لذبحة صدرية أكثر من مرة، ومعاناته من انزلاق غضروفي، والتهاب البروستاتا، واضطرابات في القلب.

من جانبها، قالت نفرتاري، ابنة الدكتور جمال عبد الفتاح، إن والدها يبلغ 72 سنة، ومريض بفيروس سي، كما يعاني من الضغط، وحساسية الصدر، ودوالي في مرحلة متأخرة، ويحتاج لنظام أكل معين، لكن الوضع في السجن سيئ للغاية، حيث يجلس في زنزانة ضيقة ومزدحمة للغاية.

وأضافت أنه مريض منذ أسبوع، ولم يتم نقله إلى مستشفى السجن أو إحضار الدواء المناسب له، ولم يستطع الحديث معهم أثناء الزيارة، مضيفة أنه طلب منهم شراء الدواء على حسابه الخاص، لكنهم رفضوا.

قمع غير مسبوق 

وتعليقا على هذه القضية، قال الناشط الحقوقي، أحمد عبد الحميد، إن السجون ومراكز الاحتجاز في مصر تشهد في السنوات الأخيرة حالة من القمع غير المسبوق في التاريخ الحديث للبلاد.

وأضاف عبد الحميد أن المنع من تلقي العلاج أصبح أحد أشكال القمع والتعذيب الممنهج في المعتقلات، مشيرا إلى أن السجون والأقسام المصرية شهدت منذ تموز/ يوليو 2013 وفاة عشرات المعتقلين؛ جراء تدهور حالتهم الصحية، ومنعهم من تلقي العلاج المناسب أو إجراء عمليات جراحية.

وحول الانتقادات التي توجه للنظام من جمعيات حقوقية محلية ودولية، قال أحمد عبد الحميد إن النظام لا يكترث بمثل هذه الانتقادات؛ لأنه يشعر أنه في مأمن من أي ضغط دولي حقيقي؛ بسبب تحالفه مع الأنظمة الغربية والإقليمية التي تغض الطرف عن كل الانتهاكات التي يرتكبها.

وأشار إلى أن النظام نجح عبر منظومة القمع الممنهج داخل السجون في خفض سقف المطالبات، فبعد أن كنا نطالب بالحرية للمعتقلين، أصبحنا الآن نطالب بعلاجهم داخل المعتقل، أو شراء الدواء على نفقتهم الخاصة، أو السماح لهم بالتريض لنصف ساعة في اليوم، حسب قوله.

سجون السيسي بعد الثورة

وأعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في مصر في نوفمبر 2017، إن أماكن الاحتجاز القانونية في مصر بلغت 504 مقرات رسمية، تتمثل في السجون القديمة، وسجون ما بعد الثورة، ومراكز وأقسام الشرطة.

وفي تقرير لها بعنوان "هنالك متسع للجميع"، قالت إن الشبكة العربية بدأت في البحث ومحاولة التعرف على عدد السجون الجديدة، وأماكنها؛ وكانت البداية الطبيعية من موقع وزارة الداخلية على شبكة الإنترنت، لكن المفاجأة كانت أن القِسم الخاص بقطاع مصلحة السجون، لم يتم تحديثه منذ عام 2008، فالقائمة المنشورة بالموقع تضم أسماء 25 منطقة سجون من دون ذكر لأسماء كل السجون الموجودة في مصر، القديمة والحديثة، وبالطبع غاب الحديث عن أي ذكر لأرقام السجناء.

بدأت الشبكة العربية في البحث ومحاولة التعرف على عدد السجون الجديدة، وأماكنها؛ وكانت البداية الطبيعية من موقع وزارة الداخلية على شبكة الإنترنت، لكن المفاجأة كانت أن القِسم الخاص بقطاع مصلحة السجون، لم يتم تحديثه منذ عام 2008، فالقائمة المنشورة بالموقع تضم أسماء 25 منطقة سجون من دون ذكر لأسماء كل السجون الموجودة في مصر، القديمة والحديثة، وبالطبع غاب الحديث عن أي ذكر لأرقام السجناء.

المعتقلات بسجون السيسي

ومن بين 2500 معتقلة سياسية خلال الفترة من 14 آب/ أغسطس 2013 وحتى نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2017، ما زالت 49 منهن بين جدران المعتقلات، طبقا لتقرير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات عن حالة حقوق الإنسان لعام 2017، وتقارير أخرى أعدها باحثون قانونيون مستقلون.

وطبقا للناشطة الحقوقية المعنية بملف الفتيات والسيدات المعتقلات، فاطمة عبد الله، فإنهم توصلوا من خلال التقارير التي أعدوها إلى أن من بين هذا العدد 154 تعرضن للاختفاء القسري ثم ظهرن، و13 حالة تعرضن للإهمال الطبي، منهن ثلاثة في حالة حرجة، كما قضت المحاكم المختلفة على 5 منهن بالإعدام حضوريا وغيابيا.

وتضيف عبد الله لـ"عربي21" أنه طبقا للتقارير ذاتها، فإن 133 قتلن بالرصاص الحي والخرطوش خلال المظاهرات، إضافة لمقتل 176 حالة، إما نتيجة الإهمال الطبي في السجون، أو في حوادث سير أمام السجون خلال زيارة ذويهن، و356 حالة تعرضن لانتهاكات خلال الاحتجاز التعسفي أثناء زيارة ذويهن بالسجون.

وتقول الناشطة الحقوقية إن عدد اللاتي تم تحويلهن للمحاكمات العسكرية حضوريا وغيابيا بلغ 23 حالة، إضافة لفصل 526 طالبة من جامعاتهن، كما صدر بحق 304 حالات أحكاما حضورية وغيابية، بمجموع سنوات أحكام وصلت إلى 1274 سنة و3 أشهر، كما بلغ مجموع الكفالات والغرامات التي تم دفعها للمعتقلات ما يقرب من ثلاثة ملايين جنيه مصري (175 ألف دولار)، وبلغ عدد اللاتي أدرجن بقوائم الإرهاب 93 حالة، وتم مصادرة أموالهن. أما اللاتي منعن من السفر، فبلغن 106 فتيات وسيدات.

وتضيف عبد الله أن هناك ضغوطا أمنية كثيرة تحيط بعملهن الخاص بحقوق المعتقلات، وأنه في بداية الانقلاب تم مخاطبة المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للأمومة والطفولة، لكنهم تجاهلوا الشكاوى التي قدمنها، ورفضوا حتى مجرد التضامن معهن، وهو ما تكرر مع منظمات نسوية أخرى غير حكومية، مثل جمعية المرأة الجديدة، والمركز المصري للمرأة، كما لجأن للنائب العام، وقدمن مئات الشكاوى عن الاختفاء القسري والتجاوزات التي حدثت في حق بعض الفتيات والسيدات المعتقلات، ولكنه لم يحرك ساكنا.