في سوريا هنالك ..

الفاسد والضابط والرئيس الاسطورة !

الفاسد والضابط والرئيس الاسطورة !
الأربعاء ٢٠ سبتمبر ٢٠١٧ - ٠٢:٤٧ بتوقيت غرينتش

يملك الرئيس بشار الأسد ترتيباً معيناً ليومياته، "يصحو باكراً جداً" في الخامسة صباحاً فيمارس نصف ساعة من الرياضة

العالم - مقالات وتحليلات

يقول أصدقاؤه وبعض من يعملون معه أنه في الساعة السادسة والربع أو السادسة والنصف يدخل إلى مكتبه حيث يبدأ في قراءة الحقيبة الأمنية القادمة من إدارة المخابرات العامة - أمن الدولة ومن شعبة المخابرات العسكرية - الأمن العسكري، وتقارير مكتب الأمن الوطني التي تعنى بسياسات الدولة الخارجية والداخلية.

بعد قراءات الملفات وتوقيع البريد يبدأ مكالمته اليومية مع رئيس الأركان أو يقابله شخصياً بحسب الوضع والحاجة...

ثم يطلع سيادته على تقرير عن أداء الحكومة اليومي وإشكالاتها.

التاسعة صباحاً تبدأ الاتصالات لتسيير أمور الدولة ومعالجات الأمور بعد الإطلاع على المستجدات ثم يحصل أحيانا (بمعدل يومي أو كل يومين إتصال هاتفي مع رئيس الحكومة.

ومن ثم تبدأ الاجتماعات بين سيادته ومساعديه  بين كل إجتماع وآخر تجري لقاءات مع مدراء  فرق العمل يمثل مجموعها طاقم الرئاسة من معاونين ومستشارين ومتابعين ومكاتب متخصصة إقتصادية وعسكرية وسياسية وديبلوماسية.

لا يخلو يوم من أيام الرئيس من لقاءات تجمعه بفعاليات المجتمع. ولكل قطاع في المجتمع نافذة بشرية يطل منها سيادته على أوضاع البلاد وهؤلاء الأشخاص معتمدون وقد لا يكونون شخصا واحدا بل عدد من الأشخاص فلا أدعي بذلك علماً.

مساحة سورية 185 الف كيلومتر مربع، وفوق ترابها يجتمع مقاتلون سوريون في القوات المسلحة والدفاع الوطني كذا مقاتلون من  الروس والايرانيين وحزب الله والعراقيين والأفغان ومقابلهم يجتمع إرهابيون من 83 جنسية ومعهم  مئات الاف السوريين والعراقيين بشكل أساسي وهؤلاء مدعومون من غرفتي عمليات تابعتين للقوات الأطلسية التي تقودها أميركا.

واحدة في الأردن وثانية في تركيا.

ولطبيعة النظام الرئاسي في سورية فإن مركزية القرار السيادي تعني أن لا شيء في الدولة يمكن له أن يتحرك في القضايا الاستراتيجية دون أمر مركزي.

ها لكن أوامره عامة وتوجيهات إستراتيجية وخطط يضعها متخصصون ويتابعها متخصصون ..

نريد بناء إعلام قوي وفعال ذلك أمر ولكن التنفيذ على المتخصصين والمتابعة على المتخصصين وليس بقدرة أي رئيس في العالم متابعة تفاصيل التفاصيل في عمليات التنفيذ..

"نريد تحديث مناهج التعليم"

ذلك أمر والمنفذ فريق من أبعمائة أكاديمي متخصص ومع ذلك تسببوا في أزمة لدى الناس.

"نريد تأمين حاجات الشعب السوري اليومية رغم الحصار"

هذا أمر وأنا المنفذ فليس سوى الحكومة التي تتعاطى مع يوميات الأمر ولا علاقة لفريق الرئيس ولا لشخصه في تفاصيل هذا التعامل الحكومي اليومي مع أمور تحتاج لمؤسسات  ومتابعات دقيقة.

وأما طرق التنفيذ للصفقات في زمن الحصار و في زمن الحرب فلها الف باب وباب على الفساد والقوى التي تستطيع خرق الحصار بكلفة عالية.  ومن هنا تولد الثروات وإلى هذه المائدة يتكاثر الضباع ..

هذه العمليات والصفقات يتحمل مسؤوليتها الجهاز الحكومي والجهاز الأمني المتابع لعمل الحكومة.

وتصوروا مقدار الجهد الحكومي في زمن الحرب وتصوروا بطريقة أوسع جهدا يقع على الرئيس بشار الأسد توجيهه وقيادته :

- تأمين مصدر ثابت لرواتب جيش الموظفين الحكوميين.

- تحقيق ضمانات حياتية لأهالي الشهداء.

- تحديث الاسلحة والاستراتيجيات والقوى العسكرية لمواجهة تطورات الحرب.

- متابعة العمل الديبلوماسي حتى يصبح الحليف حليفا ويحاصر القوي المعتدي قوي مدافع عنا مثل روسيا وإيران .

- إعداد العدة لتحرير التراب السوري

- متابعة الوسطاء الناقلين لرسائل الخليجيين والاوروبيين

- الابقاء عى علاقات  دافئة مع فعاليات شعبية في الاردن ولبنان ومصر وتونس إلخ

- متابعة  المناطق المحاصرة ومتابعة قضايا المخطوفين ، فتح طريق بديل لاستيراد المواد الاساسية رغم الحصار، و تأمين نفط للتكرير ومحروقات مكررة وكهرباء للمنازل ونريد ونريد..

رجل واحد يدعى بشار الأسد يعمل لمدة 18 ساعة يومياً ويخوض حرباً بدأتها القوى الكبرى وتبعتها 120 دولة قاتلت بالمال والرجال والضباط والقوات الخاصة والمخابرات والاقمار الصناعية وبالتسليح والتدريب والتمويل فقط لإسقاط حكم رجل وقف في بداية الازمة وحيدا وحوله ثلة قليلة ولم يكن يعرف أي المسؤولين في حكومته وأجهزته ذئب وضبع خائن وأيهم الفارس المغوار ووثق بالشعب فاتكل على الله وعلى الجيش الذي عمل العالم بأجمعه عبر الاعلام والمشايخ والمساجد وحتى عبر الحرم المكي وإمامه على محاربته و زعزعة قناعات فئات الشعب فصار القتال داخل الجسد وهو قتال يسميه الأميركيون " فلو" أي الزكام فحين يصاب الجسد بالزكام يضعف فيسهل حينها إنزال الخسائر بالبطل ولو كان شمشون الجبار.

ذلك هو الرئيس بشار الأسد الذي قلت عنه مرة " أنه أعظم حاكم عربي ومحرر سورية وبطل العرب في مواقفه ضد الهيمنة  الخارجية والاحتلال الأجنبي وضد العدو الاسرائيلي ومع المقاومة " وقلت في مرات عديدة " أنني حين ينتصر نظام الحكم في سورية على أعدائه الخارجيين سأعود كما كنت قبل العام 2005 ناقداً للفساد وداعياً لكف يد الأمنيين عن العلاقة بين الشعب السوري البطل وقائده العظيم"

وكنت على الدوام أحترم سورية في سياساتها الخارجية وانتقد حكمها بعنف في ممارساته الداخلية الخاصة بالحرية وبإطلاق يد الأمن وتغييب القضاء والكبت الممارس على الصحفيين حيث تحولوا إلى أبواق مسيرة بدل تركهم يتحولون إلى أقوى سلاح فعال لصالح الرئيس وسلسلة الحكم من شرفاء سورية الذي يعملون معه من أجل الشعب لا من أجل مصالحهم.

 فلو تواصل الرئيس وفريقه مع البيوت والقلوب لما إحتاج أبداً لمعلومات من ضابط كبير أو لواء  أمني حول رأي الناس وإتجاهاتهم ومخاطر الاستعمار على إستقرار سورية.

الرئيس في قلوب العرب الشرفاء وهو في قلوب أغلب السوريين بطل يستحق هو أن يرفع له تمثال في كل مكان لصلاح الدين (صدام حسين الأول ) تمثال لأن من قاتل وإنتصر على كل من سبق ذكرهم بطل عربي اسطوري.

ومع التفهم لحاجات الدول في مراحل الاضطراب للقسوة في التعامل مع المشبوهين  إلا أن اصوات الرفض للفساد والمفسدين ولتحالف ضباع المال مع ضباع إستغلال الحرب من بين الأمنيين والنافذين الحكوميين هي أصوات تمثل سلاحاً لسورية ومن واجب  السلطة السورية دعمها وإلا خسرت أصواتا مخلصة وتحولت حناجر وأقلام المبدعين من مواطنيها  إلى كواتم تنطلق بقرار أمني وتصمت بقرار أمني في حين يسرح ويمرح الاعلام المعادي وطوابير خامسة في الاعلام المحلي إمتهنت مدح الفاسدين وتملق النافذين فرفع القدر قيمتها حتى اصبح لبعضهم لقب "مستشار الوزير".

الرئيس بشار الأسد اسطورة ..

لكن من قال أن الأساطير لا يحيط بها نافذون يرون مصلحة الشعب في بناء ثروات لهم من مال الشعب ويرون ظلم الشعب قراراً سياديا يقدمونه لصاحب القرار الشريف والنزيه مع مبررات غير قانونية ولا تصلح في القضاء وأنما تصلح في الانظمة التي تعتمد على الامن في تقرير مصير الناس  لا على المحاكمات العادلة.

حين يغيب المتهم ويحضر المدعي ويكون هو القاضي تصبح "مبررات" سيدي هذا مرتبط وذاك مأجور وتلك عميلة " كافية لمنع أنصار سورية والمقاتلين لأجلها من الاستمرار في مواقفهم إن كانوا ضعفاء في جذور معرفتهم بالصراع بين الشيطان والخيرين من البشر.

الأساطير في القصص ليست هي نفسها على أرض الواقع، ولا يفترض أن النبي محمداً ص يعرف  كل تفصيل دقيق من تفاصيل صفقات المنافقين من بين أصحابه لولا الغيب الذي أطلعه عليه جبرائيل بما علمه إياه وأذن له بمعرفته بمقدار حاجته رب العزة جل جلاله.

فكيف بحكم وطني يتكالب عليه ضباع العالم ويمنعون حبة القمح عن شعبه ويغلق كل طريق توصل الى الناس قوتهم ؟؟

أعود إلى أصل الحديث ...

كشف الفاسدين في مفاصل السلطة السورية ليس نزهة "سيران" إلى الغوطة في ايام السلم ولا عشاء رومانسي مع الزوجة في أعالي بلودان الرائعة ولا سهرة سمر مع الاصدقاء بضيافة أل قدور أو أل خير بيك في قمة قاسيون...

محاربة الفساد بالاعلام أول أعدائها الدولة السورية بأمها وأبيها والشرفاء فيها قبل العملاء والخونة والفاسدين. لأن عدو العقل السوري الحاكم في الدولة بكل مؤسساتها هو الحديث الاعلامي عن فساد في الدولة إلا بمقدار مأذون له وبترتيب مسبق.

وأنا لست ممن يضبطهم قرار حكومي سوري أو لبناني أو سعودي.

أحترم الدولة السورية ولهذا ضحيت بما ضحيت لأحفظ حريتي في الكتابة كما اريد لا كما يريدون وتركت دمشق التي اقمت فيها وبينها وبين كندا  بين أعوام 2007 و2013 وظللت اتردد عليها اسبوعيا حتى العام 2014 علناً ولم أنقطع عنها أبداً بوسائل أخرى.

فرحي بوجودي في دمشق كان يتطلب التضحية بحريتي في تقرير أو عدم تقرير ما أكتبه فتركتها غير نادم إلا على فراق مدينة أحببتها تماما كما لو أنها عاصمة بلدي بيروت.

* خضر عواركة - آسيا نيوز