مصادر عراقية مطلعة ذكرت أنّ المعاضيدي كان يشغل منصب آمر فوج طوارئ الحرس الجمهوري فضلا عن تقلده مناصب مهمة في الحرس الجمهوري وهو من أهالي منطقة حديثة، وبايع كغيره من كبار الضباط الصداميين “داعش”، وأنّ أمر تعيينه في المنصب الجديد جاء بعد إجتماعات ل” امراء داعش” في مناطق الأنبار.
واشارت هذه المصادر الى أن المعاضيدي متواجد حالياً في مناطق غربي الأنبار ويشرف على عمليات مهاجمة القوات الأمنية العراقية التي تواصل تقدمها لتحرير مناطق من مدن الانبار الغربية.
تعيين ضابط كبير في الحرس الجمهوري الصدامي في منصب وزير دفاع “دولة داعش”، اعاد مرة اخرى موضوع هيمنة البعثيين على “داعش” الى الواجهة مرة اخرى، فلولا وجود البعثيين الصداميين، لما كان ل”داعش” اي وجود في العراق، بل لما كان وجود لكل التنظيمات التكفيرية في العراق منذ سقوط صنم بغداد عام 2003 وحتى اليوم، ومن الخطأ الاعتقاد، كما يعتقد البعض، ان حل الجيش العراقي او سياسة اجتثاث البعث هو الذي دفع الصداميين الى تشكيل الجماعات التكفيرية والانتقام من الاخرين لاقصائهم، فهذا الاعتقاد وللأسف الشديد هو الرائج لدى من يجهل طبيعة الصداميين الذين لايؤمنون مطلقا بالاخر، فهم متعطشون للسلطة، ويرفضون اعطاء اي مجال للاخر حتى في اضيق الحدود، وتجربتهم مع العراقيين منذ ظهورهم في النصف الثاني من القرن الماضي على ساحة الاحداث في العراق، كانت سياسة القتل والاغتيالات والبطش والتعذيب، هي السياسة الوحيدة التي يفهونها، وهي التي اوصلت العراق الى ما وصل اليه الان.
من كان يطبل للبعثيين من العرب، ويصفهم بانهم “علمانيون واشتراكيون ولم يكونوا يوما طائفيين”، لم يجدوا من ذريعة لتبرير وحشية “البعثيين الدواعش”، الا ذريعة “الاقصاء والاجتثاث ” البائسة، التي مارسها ضدهم النظام الجديد، والتي تكذبها جميع التجارب والوقائع القديمة والحديثة، بعد ان تسلل كبار البعثيين الى النظام الجديد وتبوؤا مناصب رفيعة، ماكانوا ليعطوا معشارها حتى لبعضهم البعض عندما كان العراق رهينة بيدهم.
تتفق جميع التقارير الإستخباراتية والإعلامية على ان اغلب “امراء داعش” هم من البعثيين الصداميين، فهناك قائمة تعود الى عام من الان (2016) تكشف وجود سوري واحد فقط ( وهو ابو محمد العدناني الذي قتل قبل اسابيع في غارة جوية في سوريا) بين 20 شخصية قيادية بعثية صدامية لداعش، وفيما يلي اسماء هؤلاء، حركياً، وأسمائهم الحقيقية، إلى جانب وظائفهم في التنظيم:
– أبو بكر البغدادي واسمه ابراهيم عواد البدري/ زعيم داعش
– أبو مسلم التركي واسمه فاضل الحيالي، وهو ضابط سابق في الجيش العراقي/ نائب البغدادي
– أبو عبد الرحمن البيلاوي، واسمه عدنان اسماعيل نجم، وهو ضابط سابق في الجيش/ المسؤول العسكري العام
– أبو الحارث واسمه بشار اسماعيل الجرجر من الموصل/ رئيس المجلس العسكري العام
– أبو قاسم/ واسمه عبدالله أحمد المشهداني/مسؤول استقبال المقاتلين وتأمين الانتحاريين
– أبو هاجر العسافي، واسمه محمد حميد الدليمي/ المنسق العام
– أبو صلاح، واسمه موفق مصطفى الكرموش/ مسؤول المالية
– ابو علي التركماني واسمه عبد الواحد خضير أحمد/ المسؤول الأمني العام
– أبو محمد واسمه بشار اسماعيل الحمداني/ مسؤول ملف السجناء
– أبو عبد القادر واسمه شوكت حازم الفرحات/ المسؤول الإداري العام
– أبو كفاح واسمه خيري عبد حمود الطياوي/ مسؤول التفخيخ
– أبو سجى واسمه عوف عبد الرحمن العفوي/ مسؤول الشؤون الاجتماعية
– أبو شيماء واسمه فارس رياض النعيمي/ مسؤول مخازن السلاح
– أبو ميسرة واسمه أحمد عبد القادر الجزاع/ مسؤول في بغداد
– أبو مهند واسمه عدنان لطيف لاسويداوي/ مسؤول الأنبار
– أبو جرناس واسمه رضوان الطالب الحمدوني/ مسؤول الحدود بين العراق وسوريا
– أبو فاطمة الجحيشي واسمه أحمد محسن الجحيشي/ مسوؤل جنوب بغداد
– أبو فاطمة الجبوري واسمه نعمة عبد نايف الجبوري/ مسؤول كركوك
– أبو نبيل واسمه وسام عبد الزبيدي / مسؤول صلاح الدين
– أبو محمد العدناني واسمه طه صبحي فلاحة، وهو سوري الجنسية والقائد الوحيد غير العراقي في التنظيم/ مسؤول الإعلام في التنظيم.
شبكة “سي ان ان ” الامريكية اكدت في تقرير لها عام 2015 تحت عنوان “كيف صدم داعش العالم”، إن القوات التي كانت تشكل جيش صدام حسين هي الآن العامود الفقري ل”داعش”، وعندما تبحث أكثر ترى أن قادة وجنرالات جيش صدام حسين هم من يديروا العمليات العسكرية التي يخوضها تنظيم داعش، وما يصدم في ذلك أن هؤلاء الأشخاص ليسوا إسلاميين على الإطلاق وظاهريا على الأقل هم ينتمون لحزب البعث وهو حزب علماني اشتراكي، وهذا يدل على أنهم في هذا التنظيم ليس من أجل الدين بقدر ما هم فيه في سبيل الحصول على القوة.
وانتهى التقرير بهذه العبارة: “أكثر ما يلفت النظر هو كيف أننا كنا في غفلة عن هذا كله؟، ولا نقصد هنا أمريكا فقط بل العرب أيضا والآخرين من حولهم في المنطقة، لم يتوقع أحد ذلك، والسبب كان التركيز على تنظيم القاعدة.
ولكن نظرة سريعة الى كيفية ظهور “داعش”، سيجعلنا نشكك بالعبارة التي انتهى اليها تقرير “سي ان ان ”، فتساؤل التقرير لم يكن تساؤلا بريئا، فامريكا متهمة الى جانب بعض القوى الاقليمية، بانها هي من “صنّعت” “داعش” واخرجته من رحم القاعدة، بعد جمعت عتاة البعثيين في سجن بوكا في البصرة، “الرحم ” خرجت منه “داعش”، وهذه الحقيقة كشفت عنه صحيفة “الغارديان” البريطانية في مقابلة مطولة اجرتها في 13 سبتمبر عام 2014 مع مسؤول بارز في “داعش” كنيته “ابو احمد” تحت عنوان “قصة داعش…من التخطيط في سجن بوكا تحت نظر الأمريكيين.. إلى جذب البعثيين”، حيث نقلت عن “أبو أحمد” قوله:”لو لم تكن هناك سجون أمريكية في العراق، لما خرج تنظيم داعش إلى حيز الوجود، لقد كان بوكا بمثابة مصنع أنتجنا جميعا، وكون نهجنا الفكري”.
وأضاف: “لقد قدم لنا السجن الذي يديره الأمريكيون فرصة استثنائية، فلم يكن ليمكننا التجمع على هذا النحو في بغداد أو في أي مكان آخر، كان سيعد الأمر خطيرا جدا. لقد كنا في أمان، بل وعلى بعد بضع مئات من الأمتار من قيادة تنظيم القاعدة”.
وتابع: “كان لدينا الكثير من الوقت لنجلس ونخطط، لقد كانت البيئة مثالية. اتفقنا جميعا على أن نلتقي عندما نخرج، وكانت وسيلة إعادة الاتصال سهلة، كتبنا تفاصيل كل شخص منا على (شريط الأستيك المطاط) الموجود في السراويل الداخلية”.
وكشف “أبو أحمد” عن أن زعيم تنظيم داعش “أبو بكر البغدادي” – الذي ألقت القوات الأميركية القبض عليه في الفلوجة، غرب بغداد، في فبراير/ شباط 2004، واقتادته إلى سجن بوكا- كان ينأى بنفسه عن السجناء الآخرين، مما جعلهم يرونه انطوائيا وغامضا، وأن جماعته لم تكن معروفة كثيرا مقارنة بتنظيم القاعدة.
وتابع: “كان للبغدادي طريقة فريدة للظهور من بين القادة الطموحين الآخرين، حيث تشعر وأنت معه بأنك في صحبة شخص مهم، وهي أصله (يدعي أنه ينتسب إلى آل البيت)، ومع ذلك كان هناك آخرون أكثر أهمية منه، حتى إني لم أعتقد أنه سيكون له هذا الشأن العظيم”.
واستكمل: “كان الأمريكيون ينظرون إليه على أنه شخص يستطيع حل النزاعات بين الفرق المختلفة، والإبقاء على النظام في المعسكر”، مستطردا: “بمرور الوقت، أصبح حاضرا في كل مشكلة تطرأ في المعسكر، لقد أراد أن يكون زعيم السجن، وعندما أعود بذاكرتي إلى الوراء أرى كم كان يتبنى سياسة (فرق تسد) للحصول على ما يريد، وهو المكانة المتميزة. وقد نجح في ذلك”.
وكشف أبو أحمد أن البغدادي لم يعد في نظر سجانيه مصدر خطر أو تهديد، وجرى إطلاق سراحه في ديسمبر/ كانون الأول 2004، قائلا: “حظى باحترام الجيش الأمريكي، عندما كان يريد زيارة سجناء في معسكر آخر، كان ينال ما يطلب”.
وأضاف: “جرى الإفراج عن البغدادي وعني، وأول شيء فعلته عندما كنت في مكان آمن في غرب بغداد هو أني خلعت ملابسي، ثم أخذت مقصا بعناية وقصصت قطعة قماش في سروالي الداخلي كان فيها جميع الأرقام. اجتمعنا مرة أخرى. وعدنا إلى العمل”.
وتابع مبتسما: “لقد كان الأمر في غاية البساطة. لقد ساعدتنا السراويل على الفوز في الحرب”. وكشف أبو أحمد عن كيفية بروز نجم “البغدادي” خاصة عقب مقتل أبو مصعب الزرقاوي، قائلا: ” ارتفع مكانته باطراد خلال التنظيم ليصبح مساعدا موثوقا فيه لزعيمه أبو عمر البغدادي، ونائبه الجهادي المصري “أبو أيوب المصري”.
وأضاف: “اقترب تنظيم داعش من فلول البعث التابعين للنظام القديم، وهم معارضون أيديولوجيون يشتركون معه في وجود عدو مشترك، هو الولايات المتحدة والحكومة التي يقودها الشيعة التي تدعمها الولايات المتحدة”.
وتابع: “اجتمعت أشكال سابقة من تنظيم داعش مع البعثيين، الذين فقدوا كل شيء عندما أُطيح بصدام، على الفرضية نفسها التي تقول إن عدو عدوي صديقي”.
وأرجع سبب التحق الشباب بـ”داعش” إلى أن الحياة داخل التنظيم تساوي السلطة، والمال، والزوجات، والمكانة، غير أنها تعني أيضا القتل والهيمنة على وجهة نظر عالمية.
البعث هو “داعش” و“داعش” هو البعث، ونجحت امريكا في الابقاء على افعى البعث من خلال رفض كل المحاولات لاجتثاث البعثيين وبشكل كامل من المجتمع العراقي، كما تم اجتثاث النازية في اوروبا، بهدف الابقاء على العراق في حالة من الاضطراب والفوضى والفتن، من اجل تحقيق اهداف امريكا في العراق والمنطقة، فامريكا تعرف جيدا ان البعثيين الصداميين لايؤمنون بالمشاركة، فإما ان يكون العراق كله في قبضتهم، واما يحرقونه على من فيه، ولما كان من الصعب ان تعود عجلة الزمن الى الوراء، ويختطفوا العراق مرة اخرى، قاموا بالعمل على تحقيق خيارهم الثاني وهو احراق العراق، وهو هدف امريكا الاهم في المنطقة، لذلك وفور سقوط صنمهم انقلب “الرفاق البعثيون” الى “سلفيين “، وقاموا بتاسيس تنظيمات تكفيرية، تغذيها امريكا والرجعية العربية، واطلقوا لحاهم ولبسوا لباس طالبان، وصُدم العالم اجمع من وحشية “الدواعش”، والتي لم تكن الا جانبا من وحشية البعث الصدامي، التي اكتوى بنارها العراقيون على مدى اربعة عقود، ولكن بعيدا عن الكاميرا.
• شفقنا
208