بيان مؤتمر غروزني وصف الوهابيّة بخوارج العصر، حيث قال إنّه "تكرّر عبر التاريخ هبوب أمواج من الفكر المضطرب والمنحرف، الذي يدّعي الانتساب إلى الوحي الشريف، ويتمرّد على المنهج العلميّ الصحيح ويروم تدميره، ويزعزع أمن الناس واستقرارهم".
وكانت أولى تلك الموجات الضالّة الضارّة، الخوارج قديمًا، وصولًا إلى خوارج العصر الحديث من أدعياء السلفيّة التكفيريّة، وداعش ومن سار على نهجهم من التيّارات المتطرّفة والتنظيمات المُسيَّسة التي يعتبر القاسم المشترك بينها هو التحريف الغالي والانتحال المبطل، والتأويل الجاهل للدين، ما ولَّدَ عشرات من المفاهيم المضطربة المغلوطة، والتأويلات الباطلة التي تناسل منها التكفير والتدمير، وإراقة الدماء والتخريب، وتشويه اسم الإسلام، والتسبب في محاربته والعدوان عليه.
وهو ما استوجب انبراء العدول من حملة هذا الدين الحنيف لتبرئته من كلّ ذلك مصداقًا لقوله (صلّى الله عليه وآله) في الحديث الصحيح: "يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين".
أمّا توصيات المؤتمر فهي اثنتا عشرة توصية، أهمّها التوصية السابعة والثامنة، اللتان ورد فيهما:
- ضرورة افتتاح "منصّات تعليميّة" للتعليم عن بُعد لإشاعة العلم الآمن، حيثُ إنّها تخدم الراغبين في العلم والمعرفة ممن يمنعهم عملهم من الانتظام في التعليم النظاميّ.
- توجيه النصح للحكومات بضرورة دعم المؤسّسات الدينيّة والمحاضن القائمة على المنهج الوسطيّ المعتدل، والتحذير من خطر ما تقوم به بعض الحكومات من اللعب على سياسة الموازنات وضرب الخطاب الدينيّ بعضه ببعض، وأنّه لا ينتج إلا مزيدًا من القلق في المجتمع، وتفتيتاً لصفّه.
المؤتمر الذي وصفه الكاتب والمحلّل السياسيّ عبد الباري عطوان بـ"الزلزال"، ضرب مشارق بلاد المسلمين ومغاربها ليهزّ وعيهم بحقيقة السلفيّة، ما دفع الرياض إلى الصراخ والشتيمة.
في الجانب الدقيق للأمر فإنّ مثل هذا المؤتمر يحرج الدول الخليجية كافّة، وليس السعوديّة وحسب، خصوصًا البحرين، لاتّباعها سياسة الرياض الداعمة للإرهاب، وقد رُصدَ الكثير من الدلائل في دعم حكومة البحرين للإرهاب، كسكوتهم عن جمع التبرّعات في مايو/ أيّار 2013 من قبل عدنان العرعور للإرهابيّين في سوريا، وذهاب وفد برلمانيّ سلفيّ إلى سوريا بغرض دعم الجماعات الإرهابيّة، ورصدت منظّمات أمريكيّة عددًا من التجّار المؤيّدين للخطّ السلفيّ يدعمون منظّمات مسلّحة في سوريا والعراق.
إذن، مؤتمر "غروزني" لن يقف عند حدود السعوديّة، ولن ينحصر في فترة ما. هو تغيير لوجه الطائفة السنيّة، بعدما لصقت السعوديّة وجهها الإرهابيّ في جواز عبور السنّة، الذين لم يقبلوا شرعيّتها، فانتفضوا بهذا المؤتمر التاريخيّ.
المصدر: منامة بوست
2-4