وبحسب "شبكة القطيف" محمد الممتن الذي قضى نحبه بعد الهجوم الإرهابي الذي تعرض له مع والده في مسجد الرضا بحي محاسن، ووجوه المعلمين والطلاب متشابهة يسكنها الحزن، وتترجم الدموع المنسكبة حجم المعاناة.
لم يدخل محمد الممتن مبكراً من باب المدرسة، ولن يدخل أبداً، بيد أن زملاءه ومعلميه فوجئوا بلوحة كبيرة يملأوها السواد تحمل صورته مبتسماً، وتحول الطابور الصباحي إلى ما يشبه التأبين، على «شهيد الصلاة» بحسب اللوحات التي ملأت المدرسة في أول يوم دراسي عقب الحادثة الأليمة.
مُلئت طاولته بالورود المتناثرة، التي كانت توحي بخريف عمره الذي سرقه الإرهاب، فيما نصبت صورة مكبرة له على مقعده لتحضر اليوم الدراسي بدلاً منه، وعيون زملائه في الصف لا تجرأ على أن تنظر إلى مكان جلوس محمد، الطالب الضاحك الذي كان يملأ المكان فرحاً ومزاحاً واجتهاداً، ولم تلبث دموع زملائه إلا دقائق قليلة حتى تحول الصف إلى مجلس عزاء مؤثر.
انتهت الساعة الأولى من اليوم الدراسي، وبدأت الذكريات والحكايا تملأ المدرسة، والغضب من الإرهاب يعتصر الوجوه، وسرعان ما استعادت المدرسة دورها في بدء اليوم التعليمي، ليؤكد المعلمون على طلابهم مبادئ حب الوطن، ومجابهة الفكر المتطرف والإرهابي بقوة وحزمة.
وأوضح أحد المعلمين (فضل عدم ذكر اسمه) أن «فقد أحد أبنائنا الطلاب لا يختلف أبداً عن فقد ابن من أفراد العائلة، والمتصفح لوجوه الجميع في المدرسة سيعرف حجم التأثر الكبير الذي أصابنا، منذ الساعات الأولى الذي انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي نبأ استشهاد محمد».
وقال: «كل من لم يعرفه لا بد أن يحزن عليه، فما بالك بمن عاشروه طالباً مجتهداً يحترم معلميه وزملاءه، وكنا نتوسم فيه أن يكون عنصراً مهماً في الحياة العملية بعد الدراسة، لكن يد الغدر الآثمة اختطفته باكراً»، مضيفاً: «حرصنا على تكريمه في هذا اليوم بأن يكون حاضراً معنا حتى ولو كان من خلال الصور والورود، لكنه سيبقى في قلوبنا ولن يغادرها».
المتأمل بوجوه زملاء الشهيد محمد الممتن في صفه الدراسي، لا يرى سوى الصمت والحزن والمفاجأة التي لم تغادر وجوههم من بداية الحادثة، وكل من دخل إلى الصف لابد أن ينحني ليطبع قبلة على صورة محمد الصامتة إلا من ابتسامته البريئة، التي ستظل وصمة عار على جبين الإرهاب، فيما اكتفى طلاب الصفوف الأخرى بالتجمهر ليلقوا نظرة الحزن على مقعد خلا من صاحبه بعد أن صعدت روحه إلى بارئها.