الأزهر والظل الوهابي الثقيل

الأزهر والظل الوهابي الثقيل
السبت ٠٧ نوفمبر ٢٠١٥ - ٠٨:٣٩ بتوقيت غرينتش

في عصر العمالقة من امثال الشيخ محمود شلتوت ، كان الازهر الشريف في مصر ، رائدا لجميع مسلمي العالم ، سنة وشيعة ، في كيفية الاجتماع حول المشتركات العديدة بين مختلف الطوائف الاسلامية ، ونبذ ، او المرور مرور الكرام من امام الخلافات الجزئية التي كانت ومازالت وستبقى بين المسلمين ، دون ان تفسد عليهم دينهم ودنياهم ، الا انه وللاسف الشديد تحول الازهر في هذا الزمن السعودي البائس ، الى عصا بيد الوهابية ، وبوقا لنشر افكارها وماهجمة معارضيها.

المتتبع لمواقف جُل مشايخ الازهر حتى شيخ الازهر نفسه ، منذ وقت طويل وحتى اليوم ، يشهد استنساخا ملفتا لمواقف الوهابية من باقي المسلمين وخاصة الشيعة ، حيث انحصرت مهمة هؤلاء ، في مطاردة كل مصري ، عالم ازهري كان ام مثقف او شاعر او فنان ، والتشهير بهم ، بمجرد زيارة قاموا بها الى ايران او العراق ، او لمجرد ابداء رأي يتعارض مع الوهابية ، او يرفض وضع اتباع اهل البيت عليهم السلام في خانة الكفار والمشركين ، كما تريد وتتمنى الوهابية ، فكم من مصري شُهر به وطُرد من عمله ، لانها ايد مقاومة الشعب العراقي ضد “الدواعش” ، او رفع “اذان الشيعة”!! ، او التقى بعلماء ومثقفين ايرانيين او عراقيين.

الملفت ايضا ان الازهر ، تحول ومنذ فترة ليست بالقصيرة ، الى بوق لتكرار ما تريده الوهابية ، عن “الخطر الشيعي” و “التمدد الشيعي” و “انتشار التشيع” في مصر ، واتهام ايران ، بانها وراء كل ما يجري ، دون ان تكون هناك اي دليل او وثيقة او حتى راي يعتد به ، اذا كان كل ما قيل حقا “اتهاما” ، ولكن للاسف مثل هذه التصريحات “الفتنوية” و”التحريضية” و”الاستفزازية” ، لا تعكر صفو الاجواء الاسلامية العكرة اصلا ، بل تعتبر عاملا مهما في تسميم عقول الشباب الجاهل ، الذي يتحول الى قاتل ومفجر وانتحاري للدفاع عن “تسننه المهدد من الشيعة” ، دون ان تكون هناك اي حقيقة لما يقوله من يدعون الدفاع عن السنة من مشايخ الازهر المتوهبنة.

في الوقت الذي تتعرض مصر الى هجمة شرسة ، يهدد امنها واستقرارها ونسيجها الاجتماعي واقتصادها ، تقودها جماعات تكفيرية وهابية ، تفجر السيارات والطائرات وتذبح وتقتل الجنود والشرطة والمواطنين العاديين ، وتكفر كل من يخالف عقيدتها الوهابية الظلامية ، نرى الازهر يغمض عينيه عن كل هذه التهديدات الوجودية لمصر ، ونراه يكرر ، وبدفع سعودي وهابي واضح ، مقولته السخيفة عن “الخطر الشيعي ” الذي يهدد مصر واهلها.

في الوقت الذي ينشغل العالم بالاجرام الوهابي وصل الى تفجير طائرة الركاب الروسية ومقتل اكثر من 200 انسان فوق سيناء ، يخرج علينا أحمد الطيب شيخ الأزهر ليقول حسب بيان نقلته مشيخة الأزهر، :”إننا لاحظنا أن هناك أموالًا تضخ ، لتحويل شباب أهل السنة إلى المذهب الشيعي، وهذا الذي نعترض عليه، لأن هذا الأمر سوف يؤدي بالضرورة إلى فتنة وإراقة دماء في بلاد أهل السنة، وهو ما يرفضه الأزهر”.

مثل هذا الكلام غير المسؤول هو السبب الرئيسي ، لكل ما تواجهه مصر اليوم من كوارث ، فهو العامل الاكبر في حرف بوصلة المواطن المصري ، فهذا كبير الازهر يؤكد له ذلك ، وهذا الامر بالذات هو الذي افشل جهود السلطات المصرية في مكافحة الجماعات الوهابية التكفيرية في مصر ، بسبب النفاق الواضح في موقف الازهر ، من الارهاب الذي يضرب مصر.
لا يمكن لمصر ان تنتصر على الارهاب الوهابي الذي يجتاحها ، بهذا المنطق الازهري السقيم ، الذي يتجاهل الخطر “الوهابي” الذي ضرب مصر منذ سبعينيات القرن المنصرم ، حتى وصل الى “داعش” ، بينما لا ينفك يردد المقولة المحببة للوهابية السعودية “عن الخطر الشيعي الداهم”.

كنا نتمنى على شيخ الازهر الا يطلق تصريحات الطائفية الفتنوية هكذا لارضاء الوهابية السعودية ، وان يقدم كشوفات بالارقام عن الاموال التي تم ضخها في مصر ل”نشر التشيع” ، فهو بذلك كان سيفحم خصوم الوهابية ، ويحرج الجهات التي تقف وراء هذه الاموال ، ولكننا نجزم ان كل ما قيل ليس الا تصريحات تنطلق من معلومات كاذبة ، كما هي المعلومات التي استند اليها الازهر عندما شن هجومه الطائفي الكريه على الحشد الشعبي العراقي الذي يحارب “داعش” والجماعات الوهابية التكفيرية في العراق.

فيروس الوهابية لم يصب بعض الشباب الساذج في مصر هكذا دون سبب ، فبعض الاجهزة الحكومية ، قد وفرت الارضية الخصبة لهذا الفيروس ،عبر سماحها للفكر الوهابي بالانتشار في مصر ، دون ادنى تفكير بالعواقب الوخيمة لمثل هذه القرارات ،وهي تشبه القرار الظالم الذي اتخذته وزارة الأوقاف المصرية في 22 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والقاضي بغلق مسجد الإمام الحسين بن علي، لمدة 3 أيام في ذكرى عاشوراء، فهذا التوجه المصري في التعامل الظالم مع اتباع اهل البيت عليهم السلام ، والتعامل المتراخي والمهادن مع الوهابية التكفيرية الظلامية ، هو الذي جعل مصر تعيش حالة الفلتان الامني الحالية ، ترى بماذا يمكن ان نفسر مشاركة شيخ الازهر في مؤتمر تعقده السعودية ل”محاربة التطرف الديني” وجلوسه الى جانب شيخ الوهابية عبدالعزيز ال الشيخ؟، فهل يؤمن شيخ الازهر حقا بان السعودية ووهابيتها وشيخها عبد العزيز ال الشيخ ، ينوون محاربة “الوهابية” ويدعون الى الاسلام المتسامح؟!! ، ارى ان الارهاب سيفتك في مصر ما لم يتحرر الازهر من الظل الوهابي الثقيل.

* نبيل لطيف / شفقنا