وأثارت هذه القرارات تساؤلات حول قرب التطبيع الفعلي مع تل أبيب بعدما جرى تعليق العلاقات أكثر من مرة، آخرها بحسب السفير الأردني، احتجاجاً على اعتداءات اسرائيلية على المسجد الأقصى الذي يتبع الأوقاف الأردنية، ثم إعادته مرة أخرى.
وقوبلت الخطوة الأردنية الرسمية بردود فعل محلية غاضبة، واعتبر نواب أردنيون منهم النائب "محمد القطاطشة" أن هذا يحدث "نتيجة للتدخل الدولي الاقتصادي"، حيث قال: "هناك ضغوط دولية من الممولين، تسببت حتى في تجاوز البرلمان، أعتقد أن هذا خرق سياسي وخرق استراتيجي".
من جانبها نظمت قوى المعارضة مظاهرة احتجاجية أمام وزارة التربية الأردنية تحت شعار "لا لتطبيع المنهاج التعليمي الأردني"، واتهم المحتجّون النظام بالرضوخ لضغوط غربية وإسرائيلية.
وأزالت وزارة التربية من كراسات لتعليم اللغة العربية نصوصاً تهتم بـ"فراس العجلوني"، وهو قائد السرب المقاتل الذي قُتل في حرب عام 1967 والذي يعتبر بطلاً قومياً ورمزاً للالتزام الأردني تجاه القضية الفلسطينية.
ويقول أردنيون إن الاعتراف بما يسمي "دولة إسرائيل" في مناهج التعليم، والخطوات الأخرى تمثل انحرافاً حقيقياً عن الإجماع في العالم العربي بأسره، ولكن هناك من يفسره بالتأثير الفتاك لجماعة "داعش" كظاهرة فرضت نفسها على العالم الإسلامي، وأنه يأتي كـ"ردة فعل مضادة متطرفة لتطرف داعش"، بعدما أحرقت الطيار الأردني.
ترحيب إسرائيلي
بالمقابل رحبت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنباء إشارة الكتب التعليمية الأردنية من الآن بـ"إسرائيل" باسمها، وتضمين خرائطها من الآن الاسم الصريح "إسرائيل" وليس فقط "فلسطين".
ووصف المحلل لشؤون الشرق الأوسط في تلفزيون الاحتلال "تسفي يحزقيلي" هذه الخطوة بأنها "قرار شجاع جداً للملك عبد الله"، وأضاف قائلاً: "يضع الملك عبد الله بديلاً "للإسلام المتطرف"، وهو أول الشجعان من كل الزعماء العرب الذي لم يخضع للتفسير المتطرف للإسلام".
وقال: "إن الميول الغربية للملك عبد الله هي التي مكّنته من هذه الخطوة الثورية" على حد قوله، وإن القرار يعد "هزة أرضية" في كل ما يتعلق بالموقف العربي من الكيان الإسرائيلي، مشيراً إلى أن "هذه الخطوة تفتح الباب على مصراعيه أمام تغيير المواقف الفكرية والثقافية والنفسية من إسرائيل".
وقال إنه على الرغم من ردة الفعل الجماهيرية الغاضبة إلا أن القرار سيطبق.
الباحث "أوفير فينتر" من المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي قال أيضاً إن: "ظهور إسرائيل في الخرائط ليس خطوة وحيدة في الموضوع"، فقد أزالت وزارة التربية الأردنية من المنهاج التعليمي الدروس التي أثارت روح النضال ضد كيان الاحتلال وحظرت نشر كتاب "اليهود لا مواثيق ولا عهود" والذي يرفض السلام مع اليهود.
ونقل التلفزيون الإسرائيلي عن "فينتر" قوله، "إن النظام يريد أن يدرس الطلاب في الأردن تاريخاً ليس كالتاريخ الذي ترغب الحركات الإسلامية بتدريسه".
الفضل للسيسي
بدوره، اعتبر مركز "يروشلايم لدراسات المجتمع والدولة" الذي يديره "دوري غولد"، كبير المستشارين السياسيين لرئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو"، أن إصرار مجموعة من قادة الإخوان على تسجيل الجماعة كحركة أردنية يعني من ناحيتهم "إسدال الستار على فكرة إحياء دولة الخلافة الإسلامية، على اعتبار أن ما يتوجب أن يعني الجماعة هو الشأن الأردني الداخلي، وليس الارتباطات العالمية للإسلام والمسلمين".
وفي تقدير موقف نشره على موقعه نوه المركز إلى أن الفضل في الانشقاق الذي تشهده جماعة الإخوان في الأردن يعود بشكل أساسي للحرب الشعواء التي يشنها الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" على جماعة الإخوان المسلمين في مصر، مشدداً على أن هذه الحرب أغرت نظم حكم عربية أخرى باتخاذ الخطوات نفسها.
وأوضح أنه لولا الحرب التي أعلنها "السيسي" على الإخوان لما "عانت حركة حماس ما تعانيه الآن من ضائقة".