وعلى الرغم من عدم اقتصار تواجد قواعد عسكرية امريكية في البلدان النامية ، حيث لها 81 قاعدة في المانيا و37 قاعدة في اليابان منذ الحرب العالمية الثانية التي انتهت باستسلامهما لقوات التحالف، واستمرارها يتم بموافقة حكومتيهما بحجة التحالف لوقف الزحف السوفيتي طوال فترة الحرب الباردة، تجري باستمرار محادثات من اجل الغائها او تقليصها تحت ضغط شعبيهما.
ولكن جرى التوسع في اقامة القواعد العسكرية الامريكية في البلدان النامية بمختلف السبل والوسائل للهيمنة على ثرواتها الطبيعية وعلى شعوبها، سواء من خلال الاحلاف العسكرية ومشاركة الامبراطورية البريطانية التي افل نجمها نتيجة التطور غير المتناظر للدول الامبريالية او من خلال الديون التي اغرقت بها العالم لاستنزاف طاقاته الاقتصادية ومقاومته لهيمنتها.
واخيرا من خلال الحروب المفتعلة كحربي الخليج الاولى والثانية اللتين استطاعت من خلالهما اقامة اكبر القواعد العسكرية في اغنى بقاع العالم بالنفط بل وحولت شبه الجزيرة العربية الى اضخم قاعدة في العالم واكبر مخازن السلاح على حساب شعوبها.
وتنتشر القواعد العسكرية الأمريكية في 130 بلدا حول العالم تقريبا، ويزيد عددها عن الألف وفق بعض المصادر العسكرية، ناهيك عن وجود عدد لايستهان به، من القواعد العسكرية السرية المنتشره في دول المنطقة.
وقد اتجهت الأنظار صوب القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في العالم العربي بسبب قيام القوات الاميركية بالتحالف مع دول اخرى بغزو المنطقة اشعال نار الحروب فيها لاسيما في العراق وافغانستان وباكستان بذريعة أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 على المنطقة العربية.
وأدت تداعيات حرب الخليج الثانية عام 1991، والفترة التالية لها إلى تحول كبير في شكل الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج الفارسي تحديدا، في اتجاهين:
الأول: اتساع نطاق التسهيلات العسكرية المقدمة للقوات الأمريكية من قواعد ومحطات وموانئ ومطارات ومعسكرات ومراكز بالغالبية العظمى من دول المنطقة ذات العلاقة باميركا المتهافة لخدمتها واعلان تبعيتها لها، أو حتى بعض الدول التي لا يبدو في الظاهر أنه تربطها علاقات سياسية قوية بها.
الثانى: تزايد عدد القواعد العسكرية الرئيسية بشكل غير مسبوق، ليصل إلى خمس قواعد عسكرية في دول الخليج الفارسي وحدها.
ويهدف هذا التقرير إلى الوقوف على أهداف الإدارة الأمريكية من إنشاء هذه القواعد ونقاط انتشارها بمنطقة الخليج الفارسي والاتفاقيات الأمنية التى مهدت لذلك.
أهداف التواجد العسكري الغربي
تهدف الدول الغربية، خاصة الإدارة الأمريكية، من استخدام تلك القواعد العسكرية إلى تحقيق عدة أهداف وابرزها السيطرة على الملاحة في المياه الدولية بما في ذلك مياه الخليج الفارسي وبحر عمان ومضيق هرمز لما تتمتع به هذه المنطقة بالذاتمن استراتيجية مهمة لتهديد الجمهورية الاسلامية في ايران من جهة وبقاء منفذ تدفق البترول العربي الزهيد الى اوروبا واميركا مفتوحا على قدم وساق.
بالاضافة الى ذلك المحافظة على امن واستقرار حكومات الدول العربية العميلة للغرب، حيث يلاحظ قواعد عسكرية في كل مكان من هذه المنطقة، رؤساء وحكام يتمنون أن تمتلئ أراضيهم بالقواعد العسكرية الغربية، تبعية يتفاخرون بها، وشعوب حُكم عليها بأن تعيش تحت وطأة الاحتلال.. إنها البلدان التي تحولت إلى معسكر كبير، لخدمة القواعد العسكرية الغربية ضد الدول الصديقة لشعوبها المظلومة.
في الواقع لقد بدأت اميركا في شأن مسالة الترتيبات الامينة في الخليج الفارسي منذا مايو/مايس 1991 مع زيارة مع زيارة وزير الدفاع الأمريكي "تشيني" إلى الدول العربية الستة في الخليج الفارسي، حيث طرح على قادتها خطة الرئيس بوش، لتكثيف الوجود الأمريكي وتوسيعه في المنطقة، كأساس لترتيبات أمنية تجمع امريكا ودول الخليج الستة معا.
القواعد العسكرية الغربية بمنطقة الخليج الفارسي
اولا- البحرين: يعود تواجد القوات الغربية في البحرين الى منتصف القرن التاسع عشر مع الاستعمار البريطاني، اما في القرن العشرين فقررت بريطانيا في عام 1967 نقل قاعدتها البحرية الرئيسية في المنطقة من عدن الى البحرين، الا انها قررت في عام 1968 اغلاق قواعدها المتواجدة على امتداد شرق قناة السويس مع حلول عام 1971.
وقد تمّ ملأ الفراغ الأمني الأجنبي الذي خلفه رحيل البحريّة البريطانية، بالتّواجد الأمريكي. ومن الجدير بالذكر أنّ التواجد العسكري الأمريكي يعود إلى أربعينات القرن الماضي، حيث دخلت قوات البحريّة الأمريكيّة منطقة الخليج الفارسي خلال الحرب العالمية الثّانية، وتمركزت في البحرين، وأصبحت البحرين حتّى اليوم مقرا للأسطول البحري الخامس لاميركا.
ويُقدّر عدد الأسطول بحوالي 1,894. كذلك يتواجد في البحرين حوالي 100 فرد ينتمون للبحريّة البريطانية. وحاليا ترسو في مياء سلمان البحري أربع سفن حربية بريطانية لمكافحة الألغام بشكل دائم، وتشمل القاعدة الجديدة مكانا لتخزين المعدات للعمليات البحرية وإيواء القوات البريطانية المتواجدة في البحرين.
وستشكل القاعدة العسكرية هذه موطئ قدم عسكريا محوريا للغربيين إلى جانب القاعدة العسكرية التي تستخدمها البحرية الأمريكية كمركز قيادة للأسطول الخامس في البحرين، إلى جانب قواعد عسكرية أخرى منتشرة في دول عدة في الخليج الفارسي، أبرزها قطر والكويت لتهديد ايران خصوصا أن هذه القاعدة البحرية مجهزة بحاملة طائرات أو أكثر.
وتعتبر قاعدة الجفير العسكرية التي تقع جنوب شرق العاصمة البحرينية المنامة، اهم قاعدة غربية في هذا البلد حيث تتمركز فيها قيادة الأسطول البحري الأمريكي الخامس، ولهذا يمكن اعتبار البحرين من أكثر الدول العربية تعاونا مع وزارة الدفاع والأجهزة الأمنية الأمريكية وقد قدمت البحرين تسهيلات كبيرة للبحرية الأمريكية واصبحت المقر العام للقوات البحرية التابعة للقيادة المركزية الأمريكية للمنطقة الوسطى من العالم الواقعة ما بين آسيا الوسطى والقرن الأفريقي.
أما مرفق ميناء السلمان البحري الأمريكي، فمهمته لوجستية بالكامل، لتهجع فيه السفن الحربية وتتزود بالوقود. ويعتبر مطار البحرين الدولي في المحرق منفذا رئيسياً للحركة العسكرية الأمريكية، أما قاعدة الشيخ عيسى الجوية، فهي الحقل الجوي الأمريكي الرئيسي، وتستضيف حالياً طائرات الاستطلاع والمخابرات الأمريكية بشكل أساسي بحجة حماية ودعم استقرار وامن المنطقة في حين انها فزاعة لتهديد الدول المستقلة في المنطقة لاسيما الجمهورية الاسلامية في ايران.
ثانيا- سلطنة عمان: تعتبر سلطنة عمان من اول الدول التي عقدت اتفاقية عسكرية امنية مع اميركا وكان ذلك في تاريخ 21 إبريل 1980حيث سمحت للقوات الاميركية وفق ذلك باستخدام المرافق العسكريّة العُمانية. وقد لعبت هذه المرافق العسكريّة دورا مهما في العمليات الأمريكية العسكريّة في المنطقة، كما كان الحال في حرب أفغانستان، لكن من الملاحظ أنّ التواجد العسكري الأمريكي في عمان شهد تقّلصا ملحوظا خلال العقد الأخير.
هذا ولا توجد قوات عسكرية أمريكية كبيرة في عُمان اليوم، كما كان الحال وقت حرب أفغانستان، بل يوجد تواجد رمزي، ومخازن ضخمة للأسلحة والعتاد والذّخائر الأمريكيّة. ويحق لاميركا اليوم استخدام المرافق والحقول الجويّة في السيب، وجزيرة المصيرة، وثُمريت، وهي ثلاث قواعد جويّة جاهزة للاستعمال، مع أنها لا تُستعمل جميعاً بشكل مكثّف اليوم، مع أن قاعدة السيب الجويّة أصبحت محورا للرّحلات السرية إلى يعقوب أباد وشمسي بندري في باكستان، وإلى باجرام وقندهار في أفغانستان.
وتستخدم البحريّة الأمريكيّة مرفأ مسقط للرّسو والتزوّد بالوقود، ويتم تشغيل طائرات التّجسّس من قاعدة المصيرة الجويّة، وتُعتبر جزر العنز، والمصيرة، وكسب، محطّات مراقبة أمريكيّة، حسب مراجع مختلفة. وبشكل عام يتواجد حاليا في سلطنة عمان حوالي 2000 من القوات الأجنبية.
ثالثا- الامارات العربية: تُعدّ الإمارات مقرا للقوّات الأجنبيّة، منها أستراليا (313)، فرنسا (800)، جنوب كوريا (140) وامريكا (140). تتركز هذه القوات الغربية في هذا البلد تحت يافطة حماية المرافق الاستراتيجية فيها، ولكن تم إثارة مخاوف بأنه قد يتم استعمالهم لمواجهة أيّ توتر مدني داخلي او معارضة شعبية كما ان القواعد العسكرية الغربية المتواجدة في هذه الدولة تقوم بعمليات تجسس واسعة النطاق على الجمهورية الاسلامية في ايران وحماية الاسرة الحاكمة من اي تحرك شعبي معارض.
رابعا- السعودية: تُعدّ السعودية مقرا للقيادة المركزية لاميركا ويتواجد حوالي 435 عنصرا أمريكيا على أراضيها. كما تعتبر السعودية من اهم المراكز الاميركية في منطقة الخليج الفارسي اما مقر القوات الامركية في هذا البلد يقع في قاعدة الأمير سلطان الجوية، حيث توجد طائرات التجسس يو تو U-2 أيضاً.
القواعد الأخرى التي تستخدمها أمريكا بانتظام موجودة في الظهران (قاعدة الملك عبد العزيز)، والرياض (قاعدة الملك خالد)، وفي خميس مشيط وتبوك والطائف بالاضافة الى قاعدة سلطان الجوية في الخرج، وهي مقر القوات الجوية الأمريكية والبريطانية والفرنسية الآن، وكانت في الأصل لإيواء الطائرات الأمريكية القادمة من عُمان والولايات المتحدة، حتى تم تطويرها وتوسيعها لاستقرار القوات الجوية الأمريكية والبريطانية والفرنسية، وقاعدة حفر الباطن الجوية وقاعدة عبد العزيز البحرية بالدمام وقاعدة فهد البحرية بالجبيل والقاعدة البحرية في جدة.
ولم يكتف الغرب خصوصا اميركا بسيطرتهم على صناعة القرار العربي، بل حرص كل الحرص على بناء قواعد عسكرية له بالمنطقة، وفرض التبعية لإكمال السيطرة الكاملة على المنطقة ونهب خيراتها ومواردها النفطية وتهديد الدول المستقلة. أن التواجد العسكري الاميركي الواسع في هذا البلد ليس لمساعدة هذه الدولة بل ان التعزيزات العسكرية هذه تاكيد لاحتلال هذه الدولة، وتمثل نقطة انطلاق للقوات الاجنبية في تهديد الدول التي لاتدور في الفلك الغربي.
خامسا- الكويت: تعتبر الكويت اهم قاعدة للقوات الاميركية في شمال شبه الجزيرة العربية كما وتُعد ايضا مقرا للقيادة المركزية الامريكية، حيث تحتوي على 13500 عنصر، ويتواجد في الكويت كذلك عدد من العناصر الذين ينتمون للجيش البريطاني.
ويرابط هناك حوالى 130000 من الجنود ومشاة البحرية إلى جانب أكثر من 1000 دبابة وعدة مئات من الطائرات المقاتلة والمروحيات، كما أن هناك أكثر من 20000 جندي بريطاني في الكويت. وأهم القواعد هي معسكر الدوحة ومعسكر "عريفان" ومعسكر التدريب فرجينيار حيث يوجد أكثر من 8000 جندي في المنطقة التي تقع على الحدود مع العراق.
وتقع قاعدة معسكر الدوحة فى شمال غرب مدينة الكويت، على بعد 60 كم من الحدود مع العراق. وهناك أكثر من 10 آلاف جندى أمريكى متمركزون هناك، بمن فيهم القيادة المركزية لقوات الجيش الأمريكي بالكويت، وقوة المهام المشتركة بالكويت، وتعتبر قاعدة معسكر الدوحة القاعدة الرئيسية ومركز اللوجيستيات بالنسبة للجيش الأمريكي في الشرق الأوسط، وتضم المعدات العسكرية المخزنة هناك أكثر من 300 دبابة من طراز إم 1 إيه 1 و 400 سيارة مقاتلة من طراز برادلي وحاملات أفراد مصفحة ومدافع هاوتزر ومنصات صواريخ.
ويمكن القول ان لوجود الغربي في الكويت لم يختلف كثيرا، حيث تتمركز عناصر مختلفة من القوات الأميركية في كل المواقع العسكرية الكويتية الرئيسية، في قاعدة أحمد الجابر الجوية ومعسكر الدوحة وجزيرة فيليكا ومطار الكويت الجوي وميناء الأحمدي. ان هذه القواعد العسكرية بدات وكأنها شيء عادي، لحماية النظام وحقول النفط في هذا البلد. ويمكن اعتبار قاعدة علي السالم ومعسكر أريفجان من اهم المواقع العسكرية الأميركية في هذا البلد.
سادسا- قطر: وكذلك الحال مع قطر، فأصبح الوجود العسكرى الأميركي في قطر يتسم بالقوة في الفترة الأخيرة، في وجود مخازن أسلحة ومعدات لتشكيل عسكري بحجم لواء، وتسهيلات مختلفة في معسكر السيلية ومطار الدوحة الدولي ومنطقة أم سعيد. لكن قاعدة العديد العسكرية تحولت إلى واحدة من أهم القواعد العسكرية الأميركية في الخليج الفارسي، خاصة بعد نقل مقر القيادة المركزية من فلوريدا إليها. ويبلغ حجم القوات الأميركية في قطر 3000 جندي ومئات الدبابات.
وختاما ان بروز جماعات إرهابية بالمنطقة العربية، ليس السبب الأساسي كما ادعى البعض لتعزيز التواجد العسكري الغربي، لكن هي رغبة حكام العرب في حماية أنفسهم، والحفاظ علي وجودهم في سدة الحكم. ان القواعد العسكرية الغربية، ملأت غالبية البلدان العربية، إما بالوجود الفعلي المعلن، أو الخفي، معظمها تواجد أمريكي، ورغبة بريطانية في العودة للشرق الأوسط، بعد انسحاب قارب الـ 43 عاما من الخليج الفارسي لنهب خيرات المنطقة لاسميا النفطية والغازية والهيمنة على شعوب المنطقة وتهديد الجمهورية الاسلامية في ايران العصية على الغرب.