لكن هذا الفكر الذي وصم بـ"الخارجي" تسرب الى بعض التيارات المزيفة والمريضة في الاسلام، وتلقفه احفاد المدرسة الاموية التي تعتبر اكبر واهم عامل في تحريف الاسلام وتزييف قيمه ومبادئه، فتبلور على يد منظر الاسلام الاموي، شيخ النفاق "ابن تيمية" الذي لم يترك فرقة او جماعة مسلمة الا وكفرها، ولم يفرق في ذلك بين سنة وشيعة، اشاعرة او معتزلة، متصوفة او فلاسفة، فالجميع كفار مالم يدينوا بملته ويقروا بتعاليمه!
ومع انحطاط اغلب المجتمعات الاسلامية، خاصة في المنطقة العربية خلال القرون الاسلامية الوسطى والحديثة، بدت الاجواء متوافرة لاستمرار مسيرة التكفير والقتل بأسم الله، لاضعاف الممالك الاسلامية اكثر واكثر خاصة واننا دخلنا في عصور الامبراطوريات الاوروبية الكبرى ومقولات الاستعمار، فكان لابد من تمزيق الامة الاسلامية ليسهل استعمارها من قبل القوى الاوروبية الصاعدة حينها وفي مقدمتها بريطانيا.. فظهرت الدعوة الوهابية في "نجد" تلك المنطقة التي عبر عنها رسول الله (ص) بـ"قرن الشيطان" حسب ما ورد في البخاري!
طبعا كانت هناك فرقة مماثلة في الانحراف على الجانب الشيعي ايضا، وهي البابية لكن وعي علماء الشيعة ومواجهتها بكل قوة افشل المخطط الاستعماري في شقه الخاص باتباع مدرسة أهل البيت (ع).
تطرفت القرنية (الوهابية) كثيرا في تكفير المسلمين وزادت عليها باستسهال قتلهم وابادتهم واغتيالهم تقربا الى الله وانتصارا للفئة الناجية (الوهابية على حد زعمها) للحد الذي اثار حفيظة علماء الحنابلة انفسهم، حواضن القرنية (الوهابية) بالتعبير الحديث وجعلهم يقفون في مواجهة محمد بن عبد الوهاب، بل وصل الامر الى اسرته، لكن تحالف الدرعية المشؤوم بين محمد بن عبد الوهاب (قرن الشيطان) ومحمد ال سعود، جعل هذا الفكر ينتشر في جزيرة العرب بحد السيف، قبل ان تحدث اموال البترودولار نقلة نوعية في انتشاره مع قيام المملكة السعودية التي دعمها البريطانيون ومن ثم الاميركان في مواجهة خصومها المحليين والاقليميين.
ان الجهل والانحراف والرجعية الذي فلق هامة اكبر عقلية اسلامية عرفها التاريخ بعد النبي الكريم (ص) والذي اخمد "صوت العدالة الانسانية" واجهض مشروع الاسلام المحمدي الاصيل، الذي قام لتصحيح الاود وانتشال الامة من ردتها القيمية التي اصيبت بها بعد رحيل سيد الكائنات، هو نفسه الذي يقتل ويفتك اليوم بالمسلمين وينتهك اعراضهم ويسبي حرائرهم بأسم الدين والله والتوحيد.. ما الذي اختلف؟!
كلاهما يقتلان ويكبران ويبقران البطون ويحمدون الله على نصره ويلوكان الاكباد ويحرقان الاجساد وهم فرحون بالتقرب الى الله.. لم يختلف الامر كثيرا سوى في ادوات القتل ووسائل الدمار وطرق التسلية بالرؤوس المقطوعة! ولو كان هناك كهرباء ومناشير حديثة لم يتقدم على افضل القرون والسلف الصالح أحد لا الشيخ بن لادن والشيخ الزرقاوي ولا العولقي ولاحتى الخليفة ابو بكر البغدادي!
نفس الشعارات ونفس الوجوه الممسوخة ونفس الذوائب واللحى والاكمام والقمصان القصيرة.. ونفس البداوة في ارعاب الآمنين..
الذين قتلوا عليا (عليه السلام) هم اليوم يقتلون ابناءه من المسلمين، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يا علي أنا وأنت ابوا هذه الامة.. نفسهم الذين يفخرون بالعداء لأمير المؤمنين وأهل بيت النبي (ص) وصحابته، ولو ان الخوارج والامويين كانوا يقتلون الصحابة والتابعين لمجرد حبهم لعلي او امتناعهم عن سبه، فأن احفادهم القرنيون اليوم لم يتركوا قبراً لصحابي وتابعي الا ونبشوه ولا قبة لولي الا وفجروها.. وبلغ بهم الغي والانحراف الى ان يتوعدوا قبر النبي (ص) بالهدم وعلى مسمع من المسلمين!
وكما انتهى الخوارج وبنو امية وبنو العباس وكل المزيفين، سينتهي "القرنيون" فتلك سنة الله جل وعلا في ملكه " فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض"، وهذا صوت علي (ع) وفكره وانواره تعلو يوما بعد آخر، والدنيا على موعد مع حكومته "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين"..
علي (ع) رؤية وعقيدة ونهج وقيمة، بل هو كل الفضائل والقيم، نفس رسول الله (ص) وأخوه ووزيره، علي سيبقى ما دامت الشمس ساطعة وما دام القمر يضوي.. علي، العين الزلال والنهر الهادر الذي يحول دون الركود والجمود والذي يوصل الى بحر المعرفة والرحمة الالهية .. الى ساحة الفيض الرباني.. الى عمق الشعور الأنساني.
سلام عليك ياسيدي يا ابا تراب، يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا. اللهم اشهد اني من محبيه.
* علاء الرضائي