ايران اعلنت على لسان رئيسها حسن روحاني بعد توليه منصبه بان بلاده ترغب بتعزيز علاقاتها مع جميع دول الخليج الفارسي بما فيها السعودية .وقد كرر وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الرغبة الايرانية مرات عديدة دون ان تتجاوب السعودية معها .
وكان وزير الخارجية الايراني قد زار كل من الكويت والامارات وسلطنة عمان وقطر بعد التوقيع على اتفاقية جنيف حول ملفها النووي مع مجموعة 5+1 ، والتقى مسؤوليها وكرر الرغبة الايرانية لاقامة افضل العلاقات مع دول الخليج الفارسي ، وكانت الدول الاربع قد ردت التحية بمثلها واعربت عن نيتها بتعزيز العلاقات مع طهران .
وكانت السعودية قد غضبت من الحوار الايراني الامريكي والذي انتهي بالتوقيع على اتفاقية جنيف في 24 نوفمبر 2013 وهددت الامريكان باعادة النظر في علاقاتها معها ولكنها تراجعت عن تهديداتها ، لانها ادركت بان الزعل مع الامريكان سيضر بالمصلحة السعودية اكثر مما يضر بالمصالح الامريكية .
السياسة الخارجية السعودية واجهت الفشل والهزيمة في عدة مواقع أبرزها الحرب على سوريا فكم قدمت السعودية من اموال واسلحة وعتاد للمعارضين و للجماعات الارهابية التي جلبتهم من انحاء العالم لكي يسقطوا حكومة بشار الاسد وقد انضمت عدة دول في الخليج الفارسي الى السعودية يا منها قطر والكويت والبحرين بالاضافة الى تركيا وزودت المعارضين للنظام السوري والارهابيين السلفيين بالاموال والاسلحة ولكن كل هذه الاموال والاسلحة ذهبت سدي وكان لها فائدة واحدة لاعداء سوريا وهي تدمير المدن والقرى السورية على رؤوس اهاليها وقتل اكثر من مائة الف انسان في هذه الحرب ، اضافة الى مئات القتلى من الشبان السعوديين الذين نقلت جثثهم الى السعودية مما حدا بالمسؤولين السعوديين باعلان عدة جماعات تحارب في سوريا منها النصرة وداعش بانها منظمات ارهابية كما منعت السعودية خروج الشباب السعودي متوجهين للقتال في سوريا وفرضت عقوبات ضدهم .
الهزيمة السعودية في سوريا، فاجأت المسؤولين السعوديين على أعلى المستويات بحيث عزل الملك عبد الله بن عبد العزيز الامير بندر بن سلطان الذي كان يتولى مسؤولية الملف السوري بسبب فشله في تحقيق نصر سياسي لبلاده ، بل ان هزيمة السعودية في سوريا كانت في الواقع هزيمة لسياستها الخارجية التي يتولي مسؤوليتها الامير سعود الفيصل منذ اربعين عاما.
الغضب السعودي من الحوار الامريكي الايراني ومن التوقيع على اتفاقية جنيف بين ايران ومجموعة 5+1 لم يات باي مردود ايجابي عليها ، ورأينا بان الكتاب والصحفيين المحسوبين على السعودية عكسوا الغضب السعودي من موقع ايران الممتاز في الشرق الاوسط واقبال الولايات المتحدة والبلدان الاوروبية للحوار معها وتهافت الشركات الغربية والامريكية للحصول على عقود مع ايران ، وها نحن نقرأ منذ أيام الكتاب العرب والسعوديين يكتبون مقالات في الصحف السعودية الصادرة في لندن عن سر ما وصلت اليه ايران من مراتب ودرجات رفيعة يحسدها العدو والصديق .
فايران لم تصل الى ما وصلت اليه من مرتبة عالية الا بسبب صمودها بوجه اعدائها في الشرق والغرب وهي لم تتنازل عن مبادئها مقابل الحصول على امتيازات صغيرة وتافهة .
فهي قد صمدت ثماني سنوات من الحرب المفروضة بوجه الولايات المتحدة والغرب والدول العربية الخليجية التي وقفت الى جانب صدام حسين في حربه المفروضة على ايران وها هو صدام قد سقط واعدم ولكن ايران اجتازت المراحل الصعبة وبنت ما دمره صدام .
وها هي لم ترضخ للعقوبات الامريكية والاوروبية بل وقفت في وجه من اراد ان يذل ايران ويثير الفوضى والاضطرابات فيها وقد خرجت من هذا الامتحان مرفوعة الرأس .
وكما اشار الامام الخميني رضوان الله عليه فان الحرب المفروضة كان لهذا خسائر فادحة للشعب الايراني ، ولكن كان لها فوائد ايضا ، فايران اعتمدت على نفسها في صنع الاسلحة والذخائر ايام الحرب وصنعت الصواريخ واطلقتها على قوات صدام ، كما صنعت الدبابات والمدافع والطائرات وطائرات بدون طيار والبواخروالسفن الحربية والزوارق السريعة والغواصات وها هي تصنع كل يوم سلاح جديد تجعل الامريكان والاوروبيين يقفون حيارى من ابداعات الشعب الايراني.
السعودية ترى كل يوم اختراعات واكتشافات ايران وتقدمها العلمي والتكنولوجي والنووي وهي لا تزال تقف عاجزة امام الامريكان والاوروبيين تمد يدها اليهم لكي يقدموا لها سلاحا وطائرات مع خبراء وضباط مخابرات من اجل تدريب قواتها الحكومية عليها.
وهذا لم ينحصر بالسعودية بل ان الدول الخليجية حالها حال السعودية ، تحتاج الى الامريكان والاوروبيين في كل شيء من الابرة وحتى الطائرة .
السعودية بعد كل هذه التجارب المريرة ، وكل الهزائم التي تحملتها طوال السنوات الاخيرة ، تراجعت عن عنجهيتها وتكبرها ، ورأت بأن فتح صفحة جديدة مع ايران ، هو في صالحها اولا قبل ان يكون في صالح ايران، لان العداء لايران سيضرها و لا يضر ايران التي تمد يدها دوما الى جيرانها.
ومن المفروض ان يتخذ السعوديون موقفا صحيحا من مجمل اوضاع دول المنطقة ، ومنها الوضع في البحرين الذي يواصل اغلبية الشعب البحريني انتفاضته ضد حكم ال خليفة الذين يقمعون الانتفاضة الشعبية التي تهدف الى اصلاحات سياسية واقتصادية . فالقوات السعودية التي تشارك قوات ال خليفة في قمع الشعب البحريني تكون شريكة في جرائم حكام البحرين ومن الاحسن ان يتخذ ال سعود موقفا عقلانيا من الشعب البحريني. الم يقف ال سعود كما يقولون الى جانب الشعب السوري لاقامة حكومة ديمقراطية فيها ، فلماذا لم يقفوا الى جانب الشعب البحريني لتحقيق الحرية والعدالة والديمقراطية ؟
ان التعاون الايراني السعودي لحل قضايا وازمات المنطقة سوف يكون في صالح المنطقة وشعوبها ، فعلى الجانبين ان يستغلا الفرصة لتعزيز علاقات البلدين .
ايران لا تكن الحقد لدول وشعوب المنطقة ، بل تري بان تعاون دول المنطقة سيمنع تدخل الاجانب في شؤون دولها وشعوبها.
ونحن متفائلون بدعوة وزير الخارجية السعودي لنظيرة الايراني لزيارة الرياض ونتمنى ان تكون زيارة محمد جواد ظريف للرياض فاتحة خير للعلاقات الثنائية ويكون مردودها ايجابيا على البلدين وعلى جميع دول المنطقة ومنطقة الشرق الاوسط.
*شاكر كسرائي