إيران ... صندوقان سوريان!

إيران ... صندوقان سوريان!
الأحد ٠٢ فبراير ٢٠١٤ - ١٠:٢٨ بتوقيت غرينتش

لم يكن مقدراً لـ"جنيف 2" أكثر مما كان. وكان يفترض أن تكون هذه الخاتمة بديهية منذ اللحظة التي قررت فيها الأمم المتحدة، بكل خفة ديبلوماسية، التراجع عن دعوة ايران الى المشاركة في المؤتمر.

سحب الدعوة بالصفاقة التي جرت فيها، يعزز ما كان مؤكداً لدى كثيرين، بمن في ذلك السوريون أنفسهم، بأن المؤتمر يفتقر الى الطريق المعبدة أمام أي حل، وأن جل ما كان منشوداً، جمع الطرفين تحت سقف واحد في مقر تابع للامم المتحدة في تلك المدينة السويسرية.


وليس أدل على هذه الخلاصة سوى التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس "الائتلاف" أحمد الجربا وهو يهدد بتدفق السلاح الاميركي للقفز فوراً الى البند الثامن في بيان "جنيف 1"، وفق إرشادات العراب الأميركي للمعارضة الخارجية روبرت فورد، من الكواليس الخلفية للمؤتمر. كما يستدل على هذه الخاتمة بكلام وزير الخارجية وليد المعلم الذي راقب سير الأسبوع الجنيفي، ليسأل في نهايته عن "سورية" الطرف الآخر وعما اذا كان ناضجاً بما يكفي لإنجاز أي تسوية.


الحل مؤجل اذاً. ولم يكن مؤشره الوحيد سخرية المعلم من هؤلاء. اذ ان تغييب ايران كان من بين الأدلة الأكثر فظاظة على أن الرهان داخلياً وخارجياً لا يزال على تحقيق إنجازات ميدانية تبدل قواعد التفاوض على الطاولة. واذا ما أخذنا بالاعتبار ان "الائتلاف"، المستشرس كلامياً، يفتقر الى مؤهلات التحدث باسم الميليشيات المسلحة، فعندها يصبح السؤال مشروعا عما اذا كان وليد المعلم، مضطراً الى التخلي عن ديبلوماسية الحذر القاتل التي يتبعها، للإيحاء للطرف الآخر، باستعداد لمنح "الائتلافيين" مكاسب من أي نوع طالما فشلوا في نيلها من فنادق العواصم وأقبية الاستخبارات.


تعاملت ايران مع احتمال مشاركتها في "جنيف 2" - قبل الدعوة وبعد سحبها - على قاعدة واحدة، بأنها لن تخسر شيئاً من غيابها أو تغييبها، وأنها في سياستها السورية واثق الخطوة يمشي ملكا.. وفق توجيهات المرشد الأعلى، وان لها من مصالح مع سوريا، أكثر مما لدى مدعوين آخرين... كأستراليا مثلا. وقد كررت مع الانطلاقة المتعثرة للمؤتمر السويسري، أن الحل السوري الأمثل، يمر عبر صناديق الاقتراع.


تكمن المعضلة في هذا الطرح الإيراني أنه يتحدث عن "صندوق" لا يجد قبولاً عند جماعة الانقضاض المباشر على البند الثامن الذي يتحدث عن تشكيل هيئة الحكم الانتقالية، وهو بند لا يمر حتماً عبر صناديق الاقتراع، فيما يرسل عرابوهم، في الولايات المتحدة والسعودية، "صناديق" اخرى محملة بالأسلحة.
 

والى أن تنضج معادلات التسوية، ربما يكون مفيداً اذا أجرى الإيرانيون، بما يمتلكونه من أوراق فاعلة في المشهد الإقليمي، تعديلاً جدياً في مخاطبتهم الديبلوماسية لرعايا صناديق الموت هذه.

 

خليل حرب/ السفير