ابا الحسن.. جرحك الدامي لايزال ينزف ليومنا هذا

ابا الحسن.. جرحك الدامي لايزال ينزف ليومنا هذا
السبت ٢٧ يوليو ٢٠١٣ - ١١:٢٨ بتوقيت غرينتش

تواطأت زمر الشر في عهد الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، علی ان لا تبقی للحق راية تخفق أو يدا تطول فتصلح أو صوتا يدوَي فيکشف زيغ الظالمين والمنحرفين، فبالامس کان ابو سفيان يمکر ويغدر ويفجر ويخطط لقتل النبي الاکرم صلی الله عليه وآله وسلم، لوأد الرسالة الالهية في مهدها ولکن الله أبی إلا أن يتم نوره.

وها هو ابنه معاوية بن أبي سفيان يستفيد من نتائج انحراف السقيفة، ويتمَم ما بدأه ابوه سعيا للقضاء علی الرسالة الاسلامية الاصيلة، تعينة في ذلك قوی الجهل والضلالة والعمی، فخططوا لقتل ضمير الامة الحي وصوت الحق والعدل وحامل لواء الاسلام الخالد ومحيي الشريعة المحمدية السخية.

نعم .. لقد بدأت کل القوی الطامعة والانتهازية التي خسرت مواقعها السياسية والاجتاعية والاقتصادية تتحرك ضد الامام واخذت تتکاتف کل العناصر التي شارکت بنحو واخر في مقاتلة عثمان والتحريض عليه يوم امس، رافعة شعار المطالبة بدم عثمان مندَدة بسياسة الامام الحکيمة والنزيهة فنکثت طائفة وقسطت اخری ومرقت ثالثة.

ولما کان صراع الإمام علي (ع) مع معاوية صراع نهجين متضادين: نهج الحق والمبادیء والاخلاق ،في مقابل نهج الباطل والتضليل والکذب والجور والغدر، ولايمکن لهذين النهجين ان يلتقيا بحال، ولهذا استعد الامام علي عليه السلام بعد فترة لاستئناف قتال القاسطين في الشام -معاوية واتباعه- مرة اخری.

امر الامام علي (ع) بتعبئة الجيش واعلن حالة الحرب، فعقد للحسين عليه السلام راية ولابي ايوب الانصاري اخری ولقيس بن سعد ثالثة.
وبينما کان امير المؤمنين عليه السلام يواصل تعبئة قواته، کان يجري في الخفاء تخطيط أرهابي لئيم من اجل اغتيال الامام، حيث اجتمعت ضلالتهم العمياء علی ان يطفئوا نور الهدی ليبقی الظلام يلفَ انحرافهم وفسادهم .. ولقد اجتمعت عصابة ارهابية ضالة علی قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حيث کان محرَکها معاوية، واتفقوا ان يداهموا الامام عند ذهابة لصلاة الفجر، فما کان احد يجرؤ علی مواجهة الامام عليه السلام .. ولما کانت ليلة تسع عشرة من شهر رمصان شهر الله، عام (40) للهجرة، کان الامام عليه السلام يکثر التأمل في السماء وهو یردد "ما کذبت ولاکذَبت إنها الليلة التي وعدت بها" وأمضی ليلته بالدعاء والمناجاة ثم خرج الی بيت الله .. مسجد الکوفة الشريف.. لصلاة الصبح فجعل يوقظ الناس علی عادته الی عبادة الله فينادي : الصلاة .. الصلاة.

ثم شرع عليه السلام في صلاته وبينما هو منشغل يناجي ربه ..أمتدَت يد الشيطان لتصافح ابن ملجم في عتمة الليل، وفي ختلة وغدره، هوت بالسيف علی هامة طالما استدبرت الدينا واستقبلت بيت الله وهي ساجدة وغادرتها منها في تلك الحال، وفي احرج الساعات التي تمر بها المسيرة الاسلامية.

أَغتيل الامام علي عليه السلام وهو في أفضل ساعة حيث يقوم بين يدي الله سبحانه في صلاة خاشعة، وفي اشرف الايام إذ کان يؤدي صوم شهر رمضان، وهو في أعظم تکليف اسلامي حيث کان في طريقه لخوض غمار حرب جهادية، کما کان في اشرف بقاع الله واطهرها (مسجد الکوفة).

انه الفوز بالشهادة والفوز بالثبات علی القيم الرسالية الفريدة والثبات علی الحق والجهاد في سبيل إرساء قواعد الدين، إنها ثورة القيم الالهية علی القيم الجاهلية بکل شُعبها وفروعها.
لم تستهدف الجريمة رجلا کباقي الرجال، إنما استهدفت القيادة الاسلامية بعد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم واستهدفت اغتيال رسالة وتاريخ وحضارة وامة، کلها تتمثل في شخص علي بن ابي طالب عيله السلام وصي رسول الله وحامل علمه والمواصل لسيرته وعمله.

وهو افضل هذه الامة من حيث المناقب بعد الرسول الاعظم (ص) واجمعها سوابق واعلمها واعملها بالکتاب والسنة، واکثرها اخلاصا لله تعالی وعبادة له، وجهادا في سبيل دينه، فلو لا سيفه لما قام الدين ولا انهدمت صلولة الکافرين.

نعم ..لم تعرف الانسانية في تاريخها الطويل رجلا -بعد الرسول الاکرم (ص)- افضل من علي بن ابي طالب (ع)، ولم يسجل لاحد من الخلق بعد الرسول (ص) من الفضائل والمناقب والسوابق، ما سجل لعلي بن ابي طالب (ع).

فسلام عليك ياأمير المؤمين وقائد الغر المحجَلين يوم ولدت ويوم رُبيت في حجر الرسالة، ويوم جاهدت من اجل ان تعلو راية الاسلام خفاقة، ويوم صبرت ونصحت ويوم بويعت وحکمت، ويوم کشفت النقاب عن براثن الجاهلية المتسترة بشعار الاسلام، ويوم استشهدت وأنت تروَي بدمك الطاهر شجرة الاسلام الباسقة، ويوم تبعث حيا وأنت تحمل وسام الفوز في أعلی علَيين. 

تصنيف :