ومثل هذه السمات ــ باعتقادنا ــ ليست سوى مقدمة لافتضاح حقيقة "المسلحين التكفيريين" الذين ارتكبوا يوم الخميس الماضي 2/5/2013 جريمة تدمير مرقد الصحابي الشهيد حجر بن عدي الكندي ونبش قبره واستخراج جثمانه الطاهر ــ وقد كان طريا وكأنه ابن يومه حسب ما ذكر الشهود العيان ــ ونقله الى مكان مجهول.
وبالتالي فانها (السمات) تحمل في طياتها ارهاصات سقوطهم وانهزامهم قريبا بأيدي ابناء الشعب السوري المناضل رئيسا وحكومة وجيشا، وذلك بعدما طفح الكيل وبلغ السيل الزبا، وصار من الواجب شرعا وقانونا وعرفا وضع حد للاعمال البربرية والجرائم اللاانسانية التي يقوم بها ارهابيو جبهة النصرة ومسلحو الجيش الحر تطبيقا لفتاوى "الوهابية المنحرفة" و"القرضاوية الخرفة"، بدعم من الاموال السعودية والقطرية.
وبما ان التماثل في التفكير والممارسة السطحية الدينية بات جليا بين التكفيريين في سوريا والعراق ولبنان والبحرين من جهة ووعاظ السلاطين في الرياض والدوحة من جهة أخرى، فان المرحلة القادمة ــ في القريب العاجل ــ ستكشف النقاب عن الاصابع الاميركية ــ البريطانية ــ الاسرائيلية ، في تسخير هذا النوع من (المسخ البشري) الفاقد لأدنى المبادئ الانسانية والقيم الدينية والمعايير الاخلاقية، من أجل ضرب الاسلام باسم "الشريعة والحياة"، واستعداء الغرب المتصهين وحلف الناتو لإسقاط البلدان الاسلامية والعربية واحدا تلو الآخر وإخضاعها جميعا لسلطة "اسرائيل" الغاصبة لفلسطين والقدس الشريف.
السؤال الطبيعي المطروح في مواجهة ما يرتكبه التكفيريون من مجازر دموية وقطع للرؤوس ومن اعمال يندرج بعضها في خانة السلوكيات الجنسية اللااخلاقية والشاذة،هو ما علاقة هذه الاعمال بـ "الثورة" وهدف تأسيس "دولة الخلافة" في سوريا ومنها الى بلدان أخرى؟!
يمكن القول ودون أي مواربة ان الثورة في عقلية التكفيريين، ما هي الا الانقلاب على القيم الايمانية النبيلة، واشاعة القتل والدمار والخراب والفساد في الارض وازالة المعالم الدينية المقدسة ومنها مزارات الانبياء والاولياء والصحابة تحت ذريعة محاربة "الشرك"!!
اما "الخلافة" فانها لن تكون سوى (خلافة عرعورية) تسيطر عليها الممارسات الحيوانية الهوجاء والانحرافات الاخلاقية المرفوضة لمنظرها الوهابي الحاقد (عدنان عرعور) ومنها الزنى واللواط والمنكرات الاخرى ما خفي منها وما ظهر.
ولو القينا نظرة على قواميس الثورات التحررية على مر التاريخ، لوجدناها تبرأ مما يجري في سوريا لان التكفيريين هناك ليسوا سوى مطايا تساق هنا وهناك ولاهم لها الا اشباع غرائزها البهيمية، وهناك من الفتاوى الباطلة الصادرة من السعودية وقطر ما يسوغ لها سفك الدماء البريئة وتدمير المدن الحضارية والاماكن الدينية والآثار التاريخية.
في هذه الامثلة الكثيرة ومنها انتهاك حرمة قبر الصحابي الجليل حجر بن عدي الكندي في بلدة عذراء الشام (تبعد 40 كيلومترا عن دمشق)، تبرز لنا جوانب مهمة لملامح المؤامرة الغربية ــ الاسرائيلية ــ الخليجية يمكن تلخيصها بما يلي:
1 ــ ان الفوضى والاضطرابات والفتنة المستعرة في سوريا وايضا في العراق هي نسخة طبق الأصل لما قام به الوهابيون وآل سعود على مستوى بلاد الحجاز ونجد والمنطقة الشرقية مطلع القرن العشرين، وذلك بايعاز من الاستعمار البريطاني، والذي امتد ايضا الى مدن كربلاء والنجف، وهو ما تجدد في مدينة سامراء في شهر محرم 2006 بتفجير مقام الامامين العسكريين بشكل شنيع.
2 ــ الجماعات المسلحة في سوريا تنفذ اجندات غربية ــ اسرائيلية لتدمير الارض والانسان والعمارة والحضارة لانها اساسا غير مؤهلة لاسقاط النظام المقاوم والدولة العصرية هناك.
3 ــ ان هدف العمليات الاجرامية والتخريبية هو إنهاء دور سوريا في جبهة المقاومة والممانعة، وبالتالي تسهيل مؤامرة طمس القضية الفلسطينية وفقا لمآرب "اسرائيل" التوسعية والعدوانية.
4 ــ اشاعة الانحراف الديني والاخلاقي والقيمي باسم الدعوة الى الاسلام، وهو ما اثبتته السلوكيات المرئية والموثقة للتكفيريين سواء في "جبهة النصرة" او في "الجيش الحر".
لكن في مقابل كل هذه الاعمال، لابد من التاكيد على حقيقة ساطعة، وهي ان الامة الاسلامية وعلي رأسها المرجعيات الدينية فی النجف الاشرف ومدینة قم المقدسة والازهر الشريف فی مصر، واعية تماما بتفاصيل هذه المؤامرة "الدولية ــ الطائفية" واستهدافاتها الوحدة الاسلامية والتكاتف المعنوي القائم في المنطقة، ولاشك في ان رفض قوى الثورة الفلسطينية وجماهير الامة للمشروع القطري الخياني، هو دليل قاطع على ان الاعداء الغربيين والاقليميين لن يحصدوا سوى الهزيمة والخزي والفضحية ،لان هذا هو منطق التاريخ في التعامل مع الخونة والمتآمرين.
ومع وضوح التجانس بين الاصل والنسخة، يمكن التكهن بالوظيفة التي ينفذها تكفيريو الیوم نيابة عن المشروع الغربي الصهيوني في الشرق الاوسط، لاسيما بعد تسویق "الطبخة القطرية" في واشنطن تحت واجهة " جامعة الدول العربیة " من اجل تبادل اراض مع الكيان الاحتلالي وبما يخدم التوسع الصهيوني، الامر الذي رفضته جملة وتفصیلا القيادات الاسلامية والوطنية الفلسطينية أي (حماس) و(الجهاد الاسلامي) والفصائل الرافضة للتسوية (ومقرها في دمشق).
* حميد حلمي زادة