المأزق السوري.. أميركيا

المأزق السوري.. أميركيا
الثلاثاء ٢٣ أبريل ٢٠١٣ - ١٢:٠٠ بتوقيت غرينتش

ليس من المؤكد ان الرؤية الاميركية للخروج من الملف السوري واضحة الان لدى الادارة الاميركية. الاميركيون متعودون على وضع استراتيجية خروج exit strategy لكل قضية او مشكلة يتعاطون معها. لكن لا يبدو انهم يملكون شيئا مماثلا بالنسبة للوضع في سوريا الذي لم يحسم حتى الان رغم مرور اكثر من سنتين على اندلاع اعمال العنف فيها.

وفي مجرى هذه الفترة كانت الصورة تزداد غموضا وقتامة الامر الذي يجعل الاجابة على الاسئلة المفصلية اكثر صعوبة. هل من الضروري اسقاط النظام الحالي؟ وكيف؟ هل من الضروري رحيل الرئيس بشار الاسد وكيف؟ هل سوف تبقى سوريا دولة موحدة أو سوف يتم تقسيمها الى كانتونات ودويلات، على الطريقة اليوغسلافية، وكيف؟ هل من الصحيح تسليح قوى المعارضة السورية؟ ماذا بشأن المجموعات الارهابية الاسلامية المتطرفة مثل جبهة النصرة ؟ كيفية التعامل مع الاطراف الخارجية ذات العلاقة بالازمة السورية وخاصة ايران وروسيا؟ هل يصح حل الازمة السورية بعيدا عن مصالح هذه الدول وبالتجاهل الكامل لها؟ أو انه من الافضل التوصل الى تسوية مع هذه الاطراف وخاصة ايران يمكن من خلالها تسوية ملفات اخرى .

لا يبدو ان الادارة الاميركية تملك اجوبة واضحة وقاطعة عن هذه الاسئلة. لكن المؤكد ان هناك اشارات الى شعور بالضيق يتنامى داخل الاوساط الاميركية خوفا من ان تجر الازمة السورية الولايات المتحدة الى موقف لا تحسد عليه خاصة لجهة دفع الادارة الاميركية الى موقف يجبرها على اتخاذ قرار بالتدخل العسكري في وقت يسعى فيه الرئيس باراك اوباما الى البقاء بعيدا عن دائرة التدخل العسكري في سياسته الخارجية، على غرار سلفه الديمقراطي بيل كلينتون الذي كان يعتبر سياسته العراقية ناجحة مادامت بعيدة عن الدائرة اياها.

عضو الكونغرس الاميركي آدم كنزنغر ، وهو جمهوري من ايلونويز ، يعبر عن هذا الشعور بالقول: “بصراحة لست ادري ما هو الجواب. أعني أنه مأزق صعب.” جمهوري آخر هو دوغ كولينز من جيورجيا قال : “أخشى من أننا نسير على الدرب ذاته الذي سيوصلنا الى المشكلات ذاتها.”ليس من المؤكد ان الولايات المتحدة ستكون قادرة على الخروج من المأزق السوري بجهودها  الخاصة.

ربما تكون بحاجة الى مساعدة بعض الاصدقاء ذوي الدراية والعلاقة بالملف السوري. ربما ألمح مسؤولون اميركيون الى حاجتهم الى المساعدة العراقية بهذا الشأن. والعراق ليس بعيدا عن الملف السوري، بل هو طرف مباشر فيه لعدة اسباب ليس اخرها قرار تنظيم القاعدة في العراق وجبهة النصرة في سوريا الاندماج في تنظيم واحد اطلق عليه اسم “الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام”.

ليس هذا اجراء سياسيا او تنظيميا فقط، بل خطوة ذات مداليل ستراتيجية وعسكرية وامنية خطيرة. ببساطة انه يعني ان العراق اصبح جزءا من جبهة واحدة، تضم بلدين هما العراق وسوريا، وينشط فيهما تنظيم ارهابي واحد. وليس من المستبعد ان يشن هذا التنظيم هجمات منسقة في العراق لمشاغلة البلدين في آن معا. طبعا سوف يحتاج هذا التنظيم الى امكانات كبيرة ربما حصل عليها من اطراف دولية ذات مصلحة في اسقاط النظامين الحاكمين في سوريا والعراق معا. وفي حال نجح التنظيم في ذلك، فاننا بصدد هلال اسلامي متطرف، يمتد من بغداد الى دمشق، مع قدرة كامنة  على التحرك صوب لبنان والاردن وبعض دول الخليج " الفارسي "في ان معا.

هذا بعد أن كانت الاصوات تحذر، في السابق، من هلال شيعي يمتد على نفس الرقعة.مسؤول عراقي كبير قال لي ان العراق على استعداد لمساعدة الاميركيين بشرط “ان يكونوا جادين”. فالعراق يخشى ان ينضم الى جهد اميركي غير محسوب او غير مضمون على مستوى الاستمرارية والجدية، لأن مثل هذا العمل سوف يكون مكلفا في حال غير الاميركيون من سياستهم وموقفهم. والتخوف العراقي في محله، لأن السياسة الاميركية مازالت غامضة بعض الشيء في هذا المجال.
لكن كيف يمكن للعراق ان يساعد الولايات المتحدة بالخروج من المأزق السوري؟


يتلخص التوجه العراقي للخروج من الازمة السورية باعتماد الحل السلمي وليس العسكري، وهذا يتطلب دعوة اطراف الازمة الى الجلوس على طاولة المفاوضات، كما يتضمن التوقف عن تسليح طرفيها النظام والمعارضة في نفس الوقت.يقول المسؤول العراقي الكبير انه بامكان العراق ان يكون وسيطا جيدا كونه يملك علاقات مع قوى معتدلة في المعارضة السورية،  وتشجيعها على الدخول في مفاوضات مع النظام السوري.اضافة الى ان توحيد القاعدة وجبهة النصرة يجعل العراق طرفا مباشرا في اية مواجهة عسكرية شاملة مع القاعدة يمكن ان تفكر الولايات المتحدة بشنها على غرار العمليات العسكرية التي تقوم بها في اليمن.الازمة السورية تدق ابواب العراق، ولا يمكن ان يبقى بعيدا عنها.

*محمد عبد الجبار الشبوط - الصباح