بل انني وكما كتبت في كتابي المنشور في دار الشروق: ‘مصر بعيون ايرانية’ بانه اذاما اجريت مسابقة يوما بين المصريين والايرانيين في مدى حب وتعلق حب آل البيت او اهل بيت النبوة في وجدان الشعبين لفاز فيها المصريون ‘ فمن الذي يلعب اذن اليوم على وتر تحريض العرب على الايرانيين والسنة على الشيعة وصناعة وهم ان الايرانيين والشيعة اخطر عليكم ايها العرب من اليهود كما يتم تناقل مثل هذه الكليبات على اجهزة الهاتف الخلوي وايميلات العامة من الراي العام المصري والعربي ؟!
ومن هو ذلك المفتي الذي قال ان علينا التصدي للتشيع لانه الخطر القادم علينا؟!
ومن هو ذاك الذي يريد ان يقلب الهرم على رأسه فتصبح ايران عدوة و’اسرائيل ‘ صديقة؟!
هل هو نفس ذلك الثلاثي الذي ذكره هيكل رغم كل الذي حصل من ثورة وعي في الوطن العربي؟!
ام ان ثمة لاعبين جددا اضيفوا اليهم فاصبح الثلاثي رباعيا وربما خماسيا وان بادوار اقليمية خسيسة مستوحاة من المحنة السورية !
ثم لماذا كل هذا الشحن والتهويل والترويع من البعبع الشيعي بالذات كما يسأل اكثر من مثقف مصري وعربي وهو الذي نعرف عنه بانه لم يمارس ما يستدعي كل هذا الحشد التحذيري ؟!
واذا كان فعلا كذلك كما يدعون فلماذا كتب الكاتب السعودي الشهير جمال الخاشقجي وهو المبرأ من تهمة ‘انعدام الولاء للوطن’ قبل ايام في صحيفة اخبار العرب الناطقة بالانكليزية: ‘بان على العرب السنة تقبيل يد اية الله العظمى السيستاني لانه وقف بوجه عمليات الاخذ بالثأر من قبل الشيعة رغم كل الجرائم التي اقترفت تحت يافطة الاسلام والسنة في العراق’!
على الجانب الآخر من الفوبيا المشتعلة في المنطقة ثمة من يتساءل مستغربا: هل ثمة فعلا من مخطط ايراني لتصدير ‘دين’ جديد الى المنطقة مثلا اسمه التشيع حتى ينبغي لنا التصدي له على قاعدة انه لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ؟!
الا يعرف جمهور ‘السلف’ من الناشطين في الدين كانوا ام في السياسة ام في الدولة والحكم بان ما لدى ايران من دين او تدين او ثقافة دينية انما هو في الاساس قد اخذت اصلا من معين امة الدعوة في الجزيرة العربية والبحرين التاريخية وجبل عامل لبنان واليمن واذا ما كان لدى ايران اليوم من بضاعة من هذا الجنس تريد اعادة تصديره افتراضا انما هو من باب: ‘هذه بضاعتكم ردت اليكم’ كما يقال ؟!
وعليه فلا بد ان تكون المشكلة في مكان آخر لا يريد البعض ان يتحدث عنه علنا او يكشفه للرأي العام العربي لكننا سبق ان سمعنا جزءا منه من الرئيس المصري السابق حسني مبارك نفسه في جلسة مغلقة له مع مسؤول ايراني سابق ما قبل انتصار ثورة فبراير الا وهو: ‘انني اصارحكم هنا بانه ليس لدي مشكلة مع تشيع ايران ولا في اصل العلاقة مع ايران مشكلتي هي في مذهب المقاومة المسلحة الذي تروجون له وهو الذي اذا ما سمحت له ان يتمدد في بلادي ايا يكن حامله فان ذلك يعني لي القضاء على مستقبل علاقتي مع امريكا واسرائيل و…. وانا بحاجة الى هؤلاء جميعا كما تعرفون كحاجتي للماء’!
وهذا هو بالضبط ما اكده لنا هيكل في حينه ايضا اثناء اجتماعنا المطول معه في مزرعته وبحضور عشرات المثقفين المصريين بينهم المرحوم المجاهد الكبير عبد الوهاب المسيري والزعيم الاخواني الاستاذ عصام العريان ورموز عديدة من حركة كفاية وحزب الكرامة والزميل العزيز حسين عبد الغني ومصطفى بكري وآخرين كثر من تيارات فكرية وسياسية متنوعة !
اذن المشكلة في كل هذا الذي يجري من الفتن المتنقلة والتحريض البغيض ومن التمنع عن اقامة العلاقات الطبيعية مع ايران لا الخوف من المد الشيعي ولا القومية الايرانية بقدر ما يكمن في فقه المقاومة ومذهب المقاومة ودول المقاومة ومحور المقاومة ومعسكر المقاومة والذي يبدو ان فيتو التعامل مع ذلك كله لا يزال ساري المفعول على كثير من زعماء ‘الربيع العربي’ رغم تحول شعوبهم نحو التحرر!
صدق او لا تصدق اخي القارئ بان احد طلائع القوميين الناصريين ممن اراد مؤخرا عقد مؤتمر لدعم المقاومة في مصر وعندما طلب تأشيرات لناشطين في هذا المجال جاءه الرد من السلطات المصرية الرسمية الثورية طبعا كما يفترض بان هناك قرارا بعدم منح التأشيرة للشيعة اللبنانيين والعراقيين والايرانيين من حيث هم شيعة وان ذلك قرار ساري المفعول منذ ايام العهد البائد لانهم قد يشكلون خطرا على الامن القومي المصري !
وهنا ثمة من يقول فتش اذن عن ‘اسرائيل’ واخواتها الفتنوية التي وبعد ان جربت كل انواع الحروب المباشرة وخسرتها جميعا قررت استحضار دفاتر العهد البائد في مصر وغير مصر لمنع تلاقي فقه المقاومين من كل المذاهب والطوائف والاطياف لا اكثر ولا اقل وان المسألة لا علاقة لها لا بالايرانيين ولا بالشيعة ولا هم يحزنون !
والا الم يكن شاه ايران شيعيا قحا- في الظاهر على الاقل – وزعيما ايرانيا قوميا قحا؟!
وهو الذي كانت تفرش له السجادات الحمراء من المحيط الاطلسي الى الخليج الفارسي كما كان يقول الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر .
وبعد ذلك يسألونك عن سبب النكبة والنكسة واخواتهما ولماذا لا يزال البعض يصر على فتوى تحريم الدعاء لنصرة المقاومين في غزة والجنوب اللبناني فيما يفتي باقامة الافراح احتفالا باغتيال العلامة الكبير محمد سعيد البوطي وتلامذته في مسجد الايمان ؟!!
الان حصحص الحق اذن وكما يقول المثل العربي الشهير اذا عرف السبب بطل العجب اليس كذلك ؟ !
* محمد صادق الحسيني