كان عمري يوم قرأت كتاب فقه السيرة للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي لا يتجاوز الخامسة عشر ... كان الكتاب ذو الحلة الصفراء يجلس الى جانب مجموعة من الكتب في مكتبة والدي ...لم اكن يومها اعرف شكل الرجل الذي كتبه ...دارت الايام دورتها وبدات اتابع دروس الرجل على القناة السورية ...وبدأت اتابع تصريحاته التي تتعلق بالمذاهب الفقهية فما كان مني الا ان اجله واكبره ...
فالبوطي حرص دوما على التقريب بين المذاهب وسعى دوما الى نزع فتيل الازمة الطائفية وكان يدرك بان خلافا طائفيا يعني منح الاحتلال الذي يحتل السنة في فلسطين واعتدى على الشيعة في لبنان فرصة ذهبية كي يوغل اكثر في سياسته العدوانية ...
البوطي رحمه الله كان يدرك خطورة الفرقه والاختلاف وما يصنعه في الامم فكان صوت الاعتدال بين علماء الامة وحتى اولئك الذين وجهوا له سهام الانتقاد يعترفون بفقه الرجل وبعمله الذي ملىء المكتبة الاسلامية ...
كنت اتمنى ان يكرم البوطي على عمله وما اضافه للاسلام والمسلمين لكن قد يكون الله اختار للفقيه نهاية افضل من التي تمنيناها له بارتقاءه شهيدا ...بفتاوى مشايخ اهل السنة الذين تتلمذ عدد منهم على يديه قضى البوطي لتتحول دمائه الى لعنة على دعاة القتل على الهوية الطائفية وعلى من يسعى الى شق الامة الاسلامية وجعلها متناحرة مبعثره تابعه لا تقوى على مجابهة اعدائها ... الذين قتلوا البوطي اسكتوا صوتا كان يرفض ان يزرع الموت في كل مكان ويرفض ان يراق الدم المسلم في شوارع بغداد وبيروت ودمشق بدعوى الطائفية لكنهم سيدركون قريبا ان اصواتا ستحمل هذا الصوت وستعيد البوصله الى وجهتها الصحيحه ...
كم كنت حزينا وانا اقرا على مواقع التواصل الاجتماعي كلمات تدين الفقيه وتتهمه بانه كان مواليا للنظام السوري . وعجبت اكثر وانا اراهم يمتدحون من يوالي نظاما يقيم علاقات مع الاحتلال الاسرائيلي في السر والعلن ...
ان جهل هؤلاء بحجم المؤامرة التي تحاك للامة الاسلامية هو من اوصلنا الى ان يقتل علماءنا وامتنا بيدنا وهو من سيوصلنا ان لم نحكم عقولنا الى ان نقتل انفسنا وان نقدم ابناءنا قربانا لافكار منحرفة صنعها دعاة الله اعلم بمقاصدهم وماربهم ...
ان اعمال العقل هو الذي سينجي الامة من الكارثه التي تدور حولها وعنوانها حرب شيعية سنية ...يوم مسجد الايمان وعلينا ان نذكر هذا اليوم سيغير الكثير من المعادلة التي رسمها البعض لسوريا ...
وسيجعل سوريا تعود الى سيرتها الاولى قبل أن تشن عليها الحرب العالمية ..وساعتها سيعود ابناء البوطي الى المسجد الاموي والايمان ليلقوا أفكاره على رواد المساجد التي افتقدته.
* فارس الصرفندي