الامن قبل التنازلات

الامن قبل التنازلات
الخميس ٢١ مارس ٢٠١٣ - ٠٩:١١ بتوقيت غرينتش

صدّق الرئيس اوباما في لقاء صحافي قُبيل زيارته للبلاد أن الولايات المتحدة تعارض شرط الفلسطينيين المسبق لتجديد المفاوضات وفحواه ان على اسرائيل ان تجمد كل بناء وراء الخط الاخضر (وبذلك اتفق مع نتنياهو)، لكنه أوضح في نفس الوقت ان ذلك لا يجب ان يُفسر بأنه موافقة على استمرار البناء نفسه.

يعبر كلام الرئيس عن الموقف الامريكي التقليدي من نشاط اسرائيل وراء الخط الاخضر. ومع ذلك كانت وما زالت توجد ألوان مختلفة في التوجه الامريكي لا فيما يتعلق فقط بالبناء في المناطق كما ينبع من نص القرار 242 للامم المتحدة بل فيما يتعلق ايضا بـ 'قداسة' الخط الاخضر.
سوّغ الرؤساء ريغان وكلينتون وجورج دبليو بوش كل واحد باسلوبه وتعليلاته، تغييرات في الخط لمصلحة اسرائيل، اذا كان ذلك الامر ينبع في الأساس من حاجات أمنية. بل وافق الرئيس كارتر على ان يشتمل مخطط الحكم الذاتي على 'مناطق أمنية خاصة' تبقى تحت حكم اسرائيل. وقال ريغان بصراحة انه 'ينبغي ألا يُطلب الى اسرائيل ان تعود الى وضع كان عرضها فيه 8 أميال'. واتفق جورج دبليو بوش مع اريئيل شارون على موضوع 'الكتل الاستيطانية'، وسمعت كلينتون في لقاء في واشنطن قبل بضع سنوات (برغم انه لم يكن رئيسا) يقول انه ليس للولايات المتحدة مشكلة مع خطوات اسرائيلية تنبع من تقديرات أمنية.
من الواضح انه ينبغي ألا نرى التصريحات المذكورة آنفا أو ما يشبهها، موافقة شاملة على كل تفسير اسرائيلي لقضية الأمن حتى لو كان الحديث عن أكثر الادارات صداقة، لكن يصعب ان نتحرر من انطباع ان السياسة والاعلام الاسرائيليين خاصة لا يؤكدان دائما بقدر كاف الوجهة الأمنية (إن رئيس الوزراء نفسه هو الوحيد الذي يفعل ذلك) لمواقفنا ومطالبنا. وقد يكون ذلك لأن تأكيد الجانب الأمني والاصرار على الحاجة الى حدود قابلة للدفاع عنها تُرى في بعض الحلقات أنها شبه تدنيس للمقدس ومس بالقيم التي تقوم عليها حقوقنا التاريخية في ارض اسرائيل. بيد ان من يتعمق في تاريخ 'حدود الميعاد' وتفسيراتها المختلفة، يتبين له ان المقالات الجغرافية حتى في تلك الايام وإن صيغت صياغة مختلفة، لم تكن تعوزها التقديرات الاستراتيجية والسياسية.
يُروى انه بعد وقت قصير من حرب الايام الستة حينما تجول وزير الدفاع موشيه ديان حيث أُنشئ بعد ذلك حي غيلو ونبهه شخص ما الى ان ذلك وراء الخط الاخضر، نظر الى الارض وأجاب: 'لست أرى أي خط اخضر'. ويدلنا هذا على انه في الايام الاولى بعد الحرب استقر رأي الحكومة على انه ينبغي إحداث واقع استراتيجي ومادي جديد يمنع عزل القدس أو فصلها عن شريط الساحل، ويضمن العمق الاستراتيجي على طول نهر الاردن، ويمنع العدو المحتمل من امكانية تقطيع اسرائيل حيث يُمكّن خصرها الضيق من ذلك ويُبطل كل احتمال لاصابة مطار بن غوريون من التلال المشرفة عليه وراء الخط الاخضر. إن البناء في اماكن ما في المناطق عنصر مهم في هذا الجهد. صحيح ان ميدان القتال الحديث يختلف اليوم تمام الاختلاف، لكن هذا الواقع الجديد خاصة ومساحة اسرائيل ضيقة يؤكد بصورة أقوى أهمية الحدود المادية في مواجهة العدو.
لن نكون ساذجين ونزعم ان كل بيت يهودي في يهودا والسامرة بُني لاسباب امنية، لكننا لن نزعم عكس ذلك ايضا. إن للوجود الاسرائيلي وراء الخط الاخضر صلة قوية بحاجات اسرائيل الأمنية.

زلمان شوفال

اسرائيل اليوم

20/3/2013

تصنيف :