قد يكون صالحي متفائلا اكثر من اللازم كما يعتقد البعض هنا في العاصمة الايرانية لاسيما اذا وضعت الممارسات العملية الامريكية تجاه بلاده والمنطقة في الميزان قبل اقوال واشنطن!.
غير ان من واكبوا محطة مفاوضات آلماآتي حول النووي الايراني يكادون يقطعون بأن رئيس الديبلوماسية الايرانية لا يجافي الحقيقة كثيرا!
فمدينة التفاح الكازاخستانية شهدت حرارة حديث غير مسبوق من جانب المندوبة الامريكية في مجموعة الخمسة زائد واحد لم يسبقها اليه حديث أي مسؤول غربي حتى الآن ما أثار حفيظة حتى بعض الغربيين الاوربيين ومنهم المندوب الفرنسي !
فماذا قالت المندوبة الامريكية وهي توجه خطابها لكبير المفاوضين الايرانيين سعيد جليلي ؟
اولا : نحن الإدارة الامريكية وبعد تمحيص دقيق توصلنا الى قناعة بان فتوى المرشد الاعلى للثورة حول تحريم صناعة السلاح النووي يمكن اعتبارها مرجعية مقبولة يستند اليها في حسن النوايا الايرانية !
ثانيا : نحن الإدارة الامريكية مستعدون للحوار مع الحكومة والنظام الإيراني ولا نريد تغييره أو إسقاطه !
ثالثا : نحن الإدارة الامريكية نعتقد أن الحل لموضوع الملف النووي الايراني يكون بلغة الحوار والديبلوماسية وليس بوسائل العنف أو الحرب!
رابعا : نحن الإدارة الامريكية مستعدون لرفع العقوبات الأحادية منها والدولية (الصادرة عن مجلس الامن الدولي) اذا ما قررت إيران فعلا التعاون معنا في إطار خارطة طريق لتجسير الثقة بين الجانبين !
خامسا : نحن الإدارة الامريكية مستعدون للبدء فورا برفع العقوبات تدريجيا ولنبدء بملف الذهب والمعادن مقابل أن تخفف ايران نشاطها النووي سواء من حيث استخدامها المكثف للاجيال الجديدة من أجهزة الطرد المركزي أو سرعة تخصيبها بنسبة العشرين بالمائة !
سادسا : نحن الإدارة الامريكية مستعدون للاعتراف بحق ايران في الحصول على الطاقة النووية للاغراض السلمية على ان تساعدنا ايران في إبراز تعاون كامل مع المجتمع الدولي وتقبل بالتخصيب بنسبة خمسة بالمائة فقط على أن ندرس تأمين احتياجاتها للوقود النووي والذي يتطلب التخصيب بنسبة عشرين بالمائة من الخارج !
ومع انتهاء حديث المندوبة الامريكية المفاجئ لبعض الاوروبيين طبعا وليس للايرانيين الذين يبدو انهم تسلموا رسالة ما من سفير اوروبي بعينه الى طرف في القيادة الايرانية قبل شد الرحال إلى آلماآتي كما يؤكد ديبلوماسيون عرب وغربيون مقيمون في طهران يتوجه السيد سعيد جليلي الى الجمع بالقول :
ان مثل هذا الكلام يمكن اعتباره خطوة ايجابية يمكن البناء عليها في إطار الرد المنتظر منذ محطة مفاوضات موسكو وانه يمكننا ابتداء من هذه النقطة الشروع بمحادثات بناءة نحن مجموعة السبعة (اي ايران ومجموعة الخمسة زائد واحد) اطارها التعاون !
في هذه اللحظة ينتفض الفرنسي الذي يبدو انه فوجئ بكلام المندوبة الامريكية واستغرب من سرعة ردة فعل المفاوض الايراني الطبيعية ليوجه حديثه له بالقول : لا تذهب بعيدا وتخلص الى ماهو ليس ممكنا بهذه السهولة او البساطة !
لكن جليلي لم يتركه ينهي كلامه الا وقال له : اذا لم تكن تريد التعاون فماذا تريد ؟ هل الحرب؟
وهنا بهت المندوب الفرنسي ولم ينبت ببنت شفة بعد أن شاهد وجوه كافة المندوبين لا سيما الألماني (الذي يبدو انه هو ناقل الرسالة الامريكية الخاصة الآنفة الذكر للايرانيين) وهم ينظرون اليه بتعجب واستغراب وهنا ساد الجمع صمت مطبق !
يقول متابع جيد لتطورات المفاوضات الغربية مع طهران بان علينا مع ذلك الانتظار حتى يتحرك الموفد الامريكي الخاص السيد پيكرينغ لنر منه اما الجديد من الرسائل او التملص من تعهدات مساعدة جون كري ؟!
يذكر ان السيد پيكرينغ هو المكلف من قبل اوباما للحوار مع ايران وسبق له ان عمل في ملف جنوب شرق آسيا وقبل ذلك مستشارا لدى الرئيس و مساعدا لوزير الخارجية وسفيرا لبلاده في الاردن والامم المتحدة .
ولان الامريكيين عودوا العالم على التقلب في المواقف وعدم الثبات على مزاج واحد فان علينا التأمل فيما قيل في بلاد التفاح الباردة على لسان مندوبتهم واذا ما كانت مجرد مناجاة للخلاص !
لهذا ولغيره من تأريخ تناقض الأقوال مع الأفعال قال قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي خامنئي علينا الانتظار حتى الجولة الثانية من محادثات آلماآتي كما يقول المتابع الجيد !
ومع ذلك فان الامر لا يخلو من تفاؤل يجعل مثل صالحي يحدث زائريه بتلك اللغة وان اخذ عليه البعض بأنه أفرط بالتفاؤل والأهم استعجل في اظهار إفراطه هذا كما يقول متابعون مشاغبون !
* محمد صادق الحسيني