واعتبر الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد ، في برقية بعث بها بمناسبة وفاة الرئيس هوغو تشافيز ان وفاته تعتبر صدمة مدوية لمحبيه في شتى ارجاء العالم، مضيفاً أن "فنزويلا فقدت ابنها الغيور والشجاع كما فقد العالم زعيم ثوري حكيم". واردف الرئيس احمدي نجاد أن ايران الإسلامية تقدم أحر التعازي لأبناء الشعب الفنزويلي والحكومة الفنزويلية وكذلك تدعو لذوي الفقيد بالصبر والسلوان.
واعلنت ايران الحداد العام بوفاة الرئيس الفنزويلي ومن المتوقع ان يشارك الرئيس الايراني في مراسم تشييع ودفن الرئيس الراحل.
وكان الرئيس الفنزويلي الراحل قد خاض أشرس المعارك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وقاد امريكا اللاتينية الى التحرر والتكامل وقطع علاقات بلاده مع الكيان الصهيوني ردا على جرائمه في لبنان وفلسطين.
وكان نائب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو قد اتهم قبل ساعات من وفاة تشافيز «أعداء فنزويلا التاريخيين» بالوقوف وراء إصابة الرئيس الراحل بالسرطان، وهو اتهام رفضته الولايات المتحدة.
واتهمت السلطات الفنزويلية احد المسؤولين العسكريين الاميركيين وهو الكولونيل ديفيد ديلمونيكو بـ«محاولة الاتصال بعسكريين ناشطين في فنزويلا، اولا من اجل الاستعلام عن وضع القوات المسلحة (ولاحقاً) ليعرض عليهم مشاريع تزعزع استقرار البلد» .
ولد هوغو تشافيز الرئيس الفنزويلي الواحد بعد الستين عام 1954 لعائلة متوسطة، وواصل تعليمه في الأكاديمية العسكرية بفنزويلا قبل أن يلتحق بجامعة سيمون بوليفار في كاراكاس. وفي عام 1992، أسس الثورة البوليفارية، المستلهمة من سيمون بوليفار، زعيم استقلال أميركا اللاتينية، حيث قام بمحاولة انقلاب فاشلة ضد الرئيس اندريس بيريز ليقضي إثر ذلك سنتين في السجن. وبعد الافراج عنه عام 1994، قام ببعث حزب سياسي "حركة الجمهورية الخامسة" والذي مثل نسخة مدنية للحركة الثورية التي كان قد أسسها قبل سنتين من ذلك ليترشح عام 1998 للانتخابات الرئاسية.
وفي العام 1999 اصبح تشافيز رئيسا للبلاد في 2 فبراير/ شباط. وعرف بحكومته ذات السلطة الديمقراطية الاشتراكية واشتهر بمناداته بتكامل أميركا اللاتينية السياسي والاقتصادي مع معاداته للإمبريالية وانتقاده الشديد لأنصار العولمة من الليبراليين الحديثين وللسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية. وفي العام 1999، وبعد اجراء استفتاء، صوت الشعب لصالحه بـ92 في المئة من الاصوات، تم انشاء مجلس تاسيسي أوكلت له مهمة كتابة دستور جديد ليعوض بذلك دستور 1961.
وفي سنة 2000، أعيد انتخاب شافيز رئيسا للجمهورية التي باتت تسمى جمهورية فنزويلا البوليفارية غير ان تدهور اسعار النفط في 2001 ادى الى اندلاع ازمة اقتصادية كبيرة في البلاد. واتخذ تشافيز اجراءات لايجاد حلول للازمة الاقتصادية منها تبني اصلاحات زراعية وتاميم قطاع النفط والاستحواذ على مساحات شاسعة من الاراضي الساحلية أدت الى موجة غضب عارمة في صفوف قطاع واسع من السكان.
من جانبها دعت المعارضة وارباب العمل الى شن سلسلة من الاضرابات ما ادى الى تعميق الازمة التي ادت اثر ذلك الى محاولة الانقلاب ضد نظام تشافيز في 2002 غير أن أنصار الرئيس اعادوه الى الحكم في غضون ساعات معدودات. ومكنت ثورة تشافيز الالاف من الفنزوليين من الحصول على التعليم وفي التمتع بالخدمات الصحية وتأمين مصدر العيش. كما تقلصت نسب الفقر بشكل كبير رغم تواصل ظاهرة التفاوت الطبقي وتواصل ضعف الاقتصاد الفنزويلي الذي يعتمد كليا على النفط.
اما دوليا، فقد تاثرت علاقات تشافيز بفكرة مهيمنة واحدة وهي العداء للولايات المتحدة الاميركية. وعُرف بعلاقته المميزة بالرئيس الايراني محمود احمدي نجاد والرئيس الكوبي السابق فيديل كاسترو، حيث كان تشافيز يسعى الى تكوين ما اسماه "محور الخير" لخلق "قوة مضادة للإمبريالية الاميركية". وكان تشافيز يسعى في كل قمة لاتحاد دول جنوب أميركا الى الدعوة إلى تحقيق اكتفاء ذاتي لهذه الدول، حيث قام باحياء مشاريع تنموية مشتركة وصندوق مالي مشترك لتمويل المشاريع للتخلص من هيمنة صندوق النقد والبنك الدوليين.
كما كان يدعو إلى انشاء عملة مشتركة لتحقيق الاستقرار المالي في المنطقة. لكن أصعب صراع في حياة الزعيم كان صراعه مع السرطان الذي اكتُشف في صيف 2011. وخضع تشافيز لعدد من العمليات الجراحية في كوبا ودورات علاج كيميائي. ولم يمنع المرض تشافيز من الترشح الى الانتخابات الرئاسية للمرة الرابعة في 2012. ونجح في كسب الرهان مرة أخرى بفوزه في انتخابات 2012 ليظل أربع سنوات اضافية.ولكنه توفي مساء الثلاثاء بعد معركة شرسة ضد مرض السرطان.
وأثارت وفاة الرئيس الفنزويلي ردود فعل في دول امريكا اللاتينية فقد قالت رئيسة البرازيل ديلما روسيف إن وفاة شافيز خسارة لا تعوض, ووصفته بأنه صديق للشعب البرازيلي، وأنه أميركي لاتيني عظيم.
وفي البرازيل قال الرئيس السابق لولا داسيلفا إن شافيز كان يناضل من أجل عالم أكثر عدالة.
كما عبر الرئيس البوليفي إيفو موراليس عن صدمته لوفاة صديقه, وقال إنه سيتوجه قريبا إلى فنزويلا.
بدوره, أبدى رئيس كولومبيا خوان مانويل سانتوس أسفه العميق, مذكّرا بالوساطة التي قام بها شافيز بين الحكومة الكولومبية وجبهة "فارك" اليسارية الكولومبية المتمردة. وفي الإكوادور التي يرأسها رافائيل كوريّا أبدت الحكومة حزنها لوفاة الرئيس الفنزويلي, ووصفته بالقائد التاريخي .وقالت نيكاراغوا التي أشرف رئيسها دانيال أورتيغا على حفل لتأبين شافيز، إن أمثال الرئيس الفنزويلي الراحل لا يموتون, بينما أشاد رئيس تشيلي سيباستيان بينيرا بجهود شافيز لتوحيد أميركا اللاتينية .وفي كوبا -وهي اقوى حلفاء شافيز- قطع التلفزيون الرسمي برامجه العادية, وبث صورا لشافيز وردود الأفعال على وفاته، وأعلنت الحداد لثلاثة أيام، وأعربت الحكومة عن "تعازيها الصادقة" لفنزيولا.
وقد توسعت العلاقات بين ايران وفنزويلا في عهد الرئيس هوغو تشافيز، حيث وقع البلدان أكثر من مائة اتفاقية و74 مشروعا قيد التنفيذ وتمكن الجانبان من تأسيس البنك المشترك الإيراني الفنزويلي لتمويل مشاريع تنمية مشتركة بين البلدين ومن المتوقع ان تستمر العلاقات الايرانية الفنزويلية بقوة في عهد الرئيس الفنزويلي الجديد .
شاكر كسرائي