وايران لن تكون ورقة امريكا الرابحة في معادلة المفاوضات تحت الضغط واستمرار العقوبات مهما كانت العروض مغرية!
هذا هو تقدير الموقف لدى الناس والقيادة في طهران الثورة والاسلام وكل من اتقن فن التفاوض وديبلوماسية حياكة السجاد ولكل من له قلب بصيراوالقى السمع وهو شهيد !
هكذا تبدو ايران في عيدها الرابع والثلاثين للثورة وهي تشد الرحال مرة الى المناورات ومرة الى المفاوضات وفي كل الاحوال قاطعة الاف الاميال طولا وعرضا مرة على اليابسة واخرى في البحار وثالثة الى الفضاء وعزمها الراسخ دوما يشير ان لا تراجع الى الوراء!
يحدثك اهلها دوما باجيالهم الاربعة عن سر استودعه الله في هذا الكون لم يتغير منذ عهد ادم من ادركه وعمل به ربح وفاز فوزا عظيما ومن جحده خسر خسرانا مبينا!
اربعة وثلاثون عاما بالتمام والكمال مضت والشعب الايراني العظيم صامد شامخ مرفوع الهامة وعالي الجبين كجبل دماوند العظيم رغم تزاحم عوادي الدهر عليه كما لم تتزاحم على امة من قبل!
برمح انطلق من قوسه في القرن السابع الميلادي ليستقر في قلب كلب حراسة اكبر امبراطورية في القرن العشرين اي ملك ملوك ايران الشاه ابتدأت حكاية هذه الثورة الفريدة من نوعها بامتياز!
رجل ثمانيني جلس على سجادة صلاته لا يملك من سلاح العصر وقتها الا الدعاء وارادة الانحياز للفقراء والمستضعفين وقول الحق في وجه سلطان جائر تمكن بقدرة قادر قدير من تفكيك عرش الطاووس وتقطيع اوصال امبراطوريته المادية العظمى ليهلكه ويستبدل به قوما اخرين!
جنوده الذين نصروه وظلوا مصممين على الا يخذلوه ما هم الا فتية امنوا بربهم وقالوا ربنا الله ثم استقاموا وعقدوا العزم على مبايعة الولي الفقيه في البأساء والضراء وبذل الغالي والنفيس من اجل اقامة سلطة العدل فدانت لهم الدنيا كما لم تدن لاحد من قبل!
لم تكن ايران قبل هذا التحول الكبير شيئا مذكورا ولم يكن لها موقع لا في سجل دول الرفاهية ولا رتب العلوم ولا سلم الاقوياء النافذين ولا في جغرافية المدنية او العسكر ولا في دنيا المبتكرين او المبدعين!
وحده منطق النور مقابل منطق النار منطق الاعتراف بالربوبية لله مقابل العبودية للمستكبرين وحده منطق ان تكون مظلوما خير من ان تكون ظالما هو من جعل الدم ينتصر على السيف ولو بعد حين!
انها معادلة التوازن السلبي تجاه القوى العظمى ' انها المعادلة المعجزة التي جعلت ذلك الشيخ العجوز ينتصر على جبروت الطاغوت المدعوم من القوتين العظميين انذاك اي الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي سابقا ما جعلته يرفع شعار العصر الذي لم يعرف الهزيمة لا في النظرية ولا في التطبيق شعار لا شرقية ولا غربية جمهورية اسلامية!
اليوم ورغم مرور السنين وتغير الحال والاحوال تستمر التجربة هي هي وتخط مسارها المتجدد على يد خليفته المجدد وهو يواجه المتغيرات بكل حيوية واقتدار متحديا الكبار في زمن تكالب الاغيار!
انه القائد الكبير السيد علي الخامنئي الخليفة المنتخب والامام المنتسب وصاحب القدرة على مقارعة عتاة الحروب بالسيف والقلم وهو القائل بان امر عملياتنا اليوم هو ان واجهوا التهديد بالتهديد والعين بالعين والسن بالسن والبادي اظلم !
انه هو من امر رجاله وطالبهم بالرد بكل ما اوتوا من قوة في البر والبحر والفضاء وان لا تفاوض مع من يحمل السكين على رقابهم او يملي عليهم التفاوض والحوار المباشر الا بعد ان يضع السلاح جانبا ويذعن بمعادلة التكافؤ وعندها لكل حادث حديث!
انه هو صاحب القرار القائل بان ما يواجه ايران اليوم انما هو حرب ارادات وصراع مقولات ومعتقدات وانه من صبر ظفر ومن تعجل خسر وان ' مداراة العدو ' في الديبلوماسية والحوار ليس ضعفا والمروءة مع الصديق لا تعني بالضرورة اشعال حرب في غير موعدها!
وكما في ايران فهي الحال ايضا في تونس ومصر واليمن والبحرين وسوريا فان من سيبقى وينتصر هو الشعب ومن سيخرج ملطخا بالعار فهو من تسول له نفسه ان باستطاعته سرقة ثورات الشعوب!
هكذا تعتقد ايران القيادة وهكذا يعتقد جمهور الناس في ايران وهم متأكدون بان ما هو طاف على السطح ليس سوى زبد وما سيمكث في الارض هو الذي سيغير مجرى التاريخ وهو في الاعماق كامن وهو من سيفاجئ عتاة الفتنة والحروب في اللحظة المناسبة وما ذلك على الله بعزيز!
انه الصبر الاستراتيجي الذي سيجني ثماره يوم تعد الفراخ في اخر الخريف كما يقول المثل الايراني الشهير!
ايران اليوم شوكة في حلق معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية وهي تنازعهم الدور والمقام والوزن وتصارع قوى الشر الكبرى على حافة الهاوية في منعطف هو الاخطر في تاريخ البشرية تعاد فيه اعادة صياغة هندسة العالم الجيوسياسية بامتياز!
ايران اليوم استطاعت بالصبر والتحمل والاناة وطول البال والاستقامة والمثابرة رغم العواصف ان تتحول الى الرقم الاصعب في معادلة فك رموز الاحادية الامبراطورية الامريكية ' تلك الامبراطورية التي يتوقع الكثيرون بانها ستهزم على يد هذا المارد الاسلامي في المنازلة الكبرى التي يتوقعها الكثيرون على بوابات بيت المقدس واكناف بيت المقدس!
*محمد صادق الحسيني