فقد افرز العقدان الاخيران معطيات مثیرة في التفكير والممارسة والتصادم، برهنت بشكل لا لبس فيه على ان الدوائر الغربية والصهيونية، كانت تعمل في الخفاء وبعيدا عن الانظار على تدریب اناس من امتنا الاسلامية ليكونوا وبالا عليها.
ففي الوقت الذي يشدد الاسلام وتعاليمه السمحاء على تكريس ثقافة الحياة والإحیاء ، من منطلق المودة والالفة والتراحم بين ابناء الامة خصوصا والمجتمع البشري عموما ،فإنه یرفض ثقافة القتل وإزهاق الارواح البریئة من وازع الحقد والکراهیة والمزاجیة. قال ربنا سبحانه فی محکم کتابه الکریم:
} من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا {.
الا ان الدوائر المشبوهة تلاعبت بعقول بعض الناس الذين خضعوا او اخضعوا لايحاءاتها الجهنمية حتى باتوا يعشقون ثقافة القتل والدمار والارهاب ويطبقونها على شعوبهم من المغرب الى حدود الصين وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا.
ويؤكد ما قدمناه ان الدروس والمفاهيم المنحرفة التي تلقاها هؤلاء البعض، اماتت فيهم صفة التعقل، وجعلتهم لايتورعون عن شئ من اجل اشاعة الموت بدافع الانتقام و النفورمن المواطنين والاهالي الامنین الذين "يصنفونهم في طائفة الكفرة والعصاة والخارجين على حكم الله تعالى".
ويبدو من ذلك ان الظروف القاسية التي عاشها هؤلاء المتشددون في افغانستان و
الشيشان والصومال واليمن وباكستان والبلدان الاخرى في المنطقة ،اججت في نفوسهم رغبة تعويض تلك المعاناة والالام والضغوط عبر ممارسات دموية لا تمت الى الاسلام والشرائع السماوية بأي صلة.
ولا يخفى على احد في هذا الاتجاه دور الاموال السعودية والقطرية والمناهج الوهابية المنحرفة في تعطيل العقل الاسلامي، وتحريض المتطرفين والجهلة على استباحة أي شيء يقف في طريقهم حتى ولو كان مقدسا.
اللافت ان الدوائر الغربية والرجعية قامت ببرمجة طريقة تفكير هذه الطائفة على اساس معاداة كل شيء في العالم الاسلامي، ما عدا "اسرائيل" الغاصبة لفلسطين والقدس الشريف . فقد لقنوا اساليب القتل والانتحار والتفخيخ واشعال الفتن والاضطرابات وتسعیر النعرات الطائفیة،على ان يستخدموها ضد المواطنین الابرياء ، وفی بلدان ودیعة کانت الی الامس معروفة بالأمن والأمان والاستقرار والتعایش الحضاری.
في ضوء ذلك يتضح لنا ان ثمة مسؤوليات خطيرة وعظيمة ينبغي الاضطلاع بها لمعالجة هؤلاء المضللین من الامراض الفتاكة التي ابتلوا بها جراء العوامل المباشرة وغير المباشرة ،الامر الذي يجعل من ترشيد العقل الانساني على مستوى عموم الامة الاسلامية مفتاح الحل لجميع المصائب والسلوكيات المنافية لرسالة النبي الاعظم محمد بن عبد الله (صلی الله علیه واله وسلم) والدعوة الخيرة التي حملها بکل أمانة للبشریة جمعاء. فقد ارسله الله جل جلاله لیکون رحمة للعالمين، ولیخرج الناس من الظلمات الى النور، ولیجمع المؤمنین علی المحبة والاخاء والتعاون علی البر والتقوی ، ونبذ العداوة والبغضاء . قال تعالى في القرآن الكريم {وان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون}.
*حمید حلمی زادة