إسرائيل لم تحتمل الضربات التي وجهتها لها المقاومة في الأيام الثلاثة الأولى ولكنها كابرت وحاولت تخفيف وقع هزيمتها من خلال استهدافها للمدنيين الأبرياء وقتل اكبر عدد ممكن لإجبار المقاومة على الاستسلام أو الرضوخ لشروطها، وكذلك من خلال الضغوط التي مارستها الإدارة الأمريكية - شريكة الاحتلال في الإرهاب- على مصر وأطراف أخرى للضغط على المقاومة، فضلا عن تهديداتها المتكررة بالاجتياح البري لقطاع غزة رغم قناعة الجميع بأنها تهديدات عبثية لا قبل لدولة الاحتلال بتنفيذها.
المقاومة انتصرت انتصارا كريستاليا لا يمكن الطعن فيه، وهذا الانتصار يبرهن على أن اللغة الوحيدة التي يفهمها المحتل وتحفظ للشعب الفلسطيني كرامته ودماءه هي لغة القوة،ولا شيء غير المقاومة أما المفاوضات التي أساسها التخلي عن الأرض والثوابت الفلسطينية فهي عبثية وتعطي اليهود الوقت الكافي للسيطرة على المزيد من الأراضي المحتلة وتهويد المقدسات وخلق واقع جديد من الصعب تغييره مستقبلا.
وقف إطلاق النار او التهدئة وصف مخفف للهزيمة التي منيت بها ' اسرائيل'، فالذي حدث محض استسلام. انتصار اليوم له ما بعده وقد فرض وقائع جديدة على الارض منها:
أولا: أصبحت حركة المقاومة الإسلامية حماس بعد النصر المؤزر طرفا قويا يمكنه عقد التحالفات الإقليمية الحقيقية والقائمة على الدفاع عن القضية الفلسطينية وحقـــوق وثوابت الشعب الفلسطيني.
ثانيا: 'الأمن' الذي تقوم عليه دولة الاحتلال وتوفره للمغتصبين لم يعد قائما، فلا امن لهم في مستوطنات الضفة الغربية ولا في الأراضي المحتلة عام 1948 ، وهذا يعني أن المقاومة فرضت معادلة جديدة وهي 'الأمن' مقابل 'الأمن' واعتقد أن تطبيقاتها لن تقتصر على امن سكان قطاع غزة بل على الشعب الفلسطيني بأكمله مقابل امن المغتصبين في الداخل،مع التأكيد أن هذه المعادلات ستختفي حين يكون الشعب الفلسطيني والشعوب العربية جاهزة لدحر الاحتلال عن اخر شبر من فلسطين.
ثالثا: 'الردع' الإسرائيلي أصبح في خبر كان، لم يعد هناك عربي يخشى المواجهة مع دولة الاحتلال وهذا سيؤثر على طبيعة أنظمة الربيع العربي الجديدة. تهديد إسرائيل بضرب إيران اعتقد انه أصبح مهزلة ومن العيب على نتنياهو أو غيره من قيادة الكيان الغاصب اللجوء إليه بعد أن حطمت حجارة السجيل قوة ردعهم وانتزعت ما بقي من هيبتهم.
رابعا: الحرب على غزة اثبتت ان الانقسام وهم ولا يمكن فصل غزة عن الضفة ولا بد من وحدة الصف وتنفيذ ما اتفقت عليه الفصائل وللحديث بقية.
د.عصام شاور - القدس العربي