ورغم ان الكرة الارضية تحولت الى قرية صغيرة بفعل تطور الاتصالات والعلاقات الالكترونية، الا ان واشنطن ما فتئت "تستغبي" المجتمع البشري بمواقف وادعاءات زائفة اكل الدهر عليها وشرب، ولم يعد يصدقها احد في راهننا.
الثابت ان حكومات الولايات المتحدة التزمت منذ انتهاء حقبة الحرب العالمية الثانية (1945)، استراتيجية واحدة تستند الى التدخل في شؤون الدول الاخرى تحت اشكال وممارسات مختلفة، بيد ان الهدف الرئيسي منها هو ضبط الايقاع الدولي وفقا لمصالح الامبريالية والاحتكارات البترولية والنظام الرأسمالي الربوي.
وفي كلمته بمناسبة يوم (13 آبان )اكد قائد الثورة الاسلامية على ان السمة الغالبة للاستراتيجية الاميركية القائمة، هي الارهاب الاستبدادي، وان (لواشنطن تحالفا وثيقا مع الارهابيين وهي تدعم عملياتهم في انحاء العالم ).
واضح ان حديث الامام الخامنئي (بتاريخ 1/11/2012) الذي القاه امام حشود من الجامعيين وطلبة المدارس بمناسبة ذكرى احتلال وكر التجسس الاميركي (السفارة الاميركية السابقة في طهران) في 3/11/1979، بعث برسالة مهمة لصناع القرار الحقيقيين في البيت الابيض والبنتاغون والكونغرس، مفادها ان العالم كله بات ينوء في حاضرنا من ظلم هذه الاستراتيجية العدوانية التي نشرت القتل والدمار والحروب والغزوات في الكثير من البلدان والقارات، وكل ذلك بسبب الاطماع الجشعة لاباطرة الذهب والمال ونوازعهم السلطوية.
فالقول بان (اميركا هي زعيمة الارهاب الدولي)، امر مبتوت فيه وهوليس محط خلاف او تباين في وجهات النظر على مستوى الرأي العام العالمي، لان سلوكيات واشنطن السابقة والحالية تثبت هذه الحقيقة بالادلة القاطعة.
وازاء ذلك لايستغرب احد اذا احتفلت الجمهورية الاسلامية بذكرى (13 آبان) باعتباره اليوم العالمي لمقارعة الاستكبار، والذي تجسده اميركا في راهننا عبر تعميم الارهاب والفوضى الهدامة وسفك الدماء لاسيما في العالم الاسلامي.
فلقد غيرت اميركا ممارساتها الاستكبارية تبعا لتطورات الاحداث في المنطقة والعالم، ولكن هدف استراتيجيتها بقي واحدا، وهو تكريس الهيمنة والاستحواذ وسرقة ثروات الآخرين، وقد كانت اشارة السيد القائد الى الانقلاب العسكري الذي تزعمته الادارة الاميركية للاطاحة بحكومة الدكتور مصدق عام 1953، في محلها للتعبير عن نزعة السياسة الاميركية في معاداة كل ما هو وطني وحر ومستقل في أي بقعة من العالم.
فالانقلاب جاء على خلفية قيام الحكومة الايرانية الوطنية آنذاك بتأميم النفط في البلاد، وفي "شريعة الغاب" اعتبرت تلك الخطوة خروجا على هذا القانون الاستكباري الارهابي، ووقتئذ لم تتورع حكومة الولايات المتحدة الخادمة للمصالح الامبريالية عن تحريك افرادها من العسكر والاستخبارات الاميركيين لتقويض (التأميم) وقلب نظام الحكم الوطني وتبديله الى سلطة قمعية خاضعة شکليا لاشراف الشاه المقبور محمدرضا بهلوي.
كما طبقت واشنطن سياسة الانقلابات في العديد من الدول التي ناضلت من اجل الاستقلال وحاولت التخلص من قيود التبعة الاميركية والغربية، مثلما حصل في اميركا اللاتينية وافريقيا و اسيا ، لا في العراق عام (1963)، ولبنان عام (1958) وغيرها، فضلا عن دعم الولايات المتحدة للعدوان الثلائي على مصر (عام 1956) بعد تأميم قناة السويس .اما ضرب اليابان بقنبلتين ذريتين وابادة مئات الالاف من مواطنيها الابرياء في مدينتي هيروشيما و ناكازاكي العام 1945، رغم ان الحرب العالمية الثانية کانت قد و ضعت اوزارها بانتصار الحلفاء ،فانه مثل العلامة الفارقة لاستراتيحية الارهاب الدولي الاميركي الارعن على مستوى المستقبل، والذي تأكد عمليا في الحرب على كوريا في الخمسينات و فيتنام في السبعينات، وفي احتلال افغانستان و العراق وتدمير بناهما التحتية مطلع العقد الاول من الالفية الثالثة للميلاد.
مما مضى يظهر ان ثمة تلازما وثيقا بين واشنطن والارهاب الدولي، لفرض السيطرة والتحكم والاذعان على الدول والشعوب المتطلعة الى الحرية والعدالة والاستقلال. والاظهر من ذلك كله هو الدعم الاميركي المطلق للكيان الصهيوني والتغطية على جميع جرائمه وفظائعه التي اكتوت الشعوب الاسلامية والعربية بنيرانها منذ احتلال فلسطين (1948) وحتى يومنا هذا.
ومن المفيد التنويه في هذا المقال، الى ان الاستراتيجية الاميركية التي بسطت هيمنتها بقدراتها العسكرية وجيوشها واساطيلها خلال العقود السبعة الماضية، وجدت في الارهاب والارهابيين تحقيقا اكثر تدميرا وباقل التكاليف لاجنداتها ومشاريعها الاستبدادية المموهة بالشعارات البراقة كالديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان.
بيد ان الوعي الذي تتمتع به شعوب المنطقة والرأي العام العالمي تجاه هذه السياسات المخادعة، احالت مشاعر ابناء المجتمع البشري الى نفور واستنکار شديدين، وهو ما اكده الامام الخامنئي في كلمته عندما قال: (ان كراهية البشرية لاميركا قد تزايدت خلال الاعوام الثلاثين الماضية بنسبة 30 ضعفا) موضحا (انه ليست هناك حكومة تبغضها شعوب العالم اكثر من الولايات المتحدة).
ولقد صدق سيدنا الراحل الامام الخميني (قدس سره) حينما قال صراحة ودون مواربة: (فتش عن خلفية اية مشكلة او ازمة في مناطق الكرة الارضية، وستجد ان اصابع اميركا تقف وراءها.(
وها نحن اولاء نشاهد باعيننا ونسمع باذاننا كيف تحرض اميركا المستكبرة علنا على التطرف والارهاب والتكفير في سورية والعراق ولبنان وافغانستان وغيرها من البلدان، وکيف ان ساستها و مسؤوليها لايخجلون ابدا من دعم الفوضى والتفجيرات واشاعة الخوف والفزع في الدول الآمنة، تحت ذريعة "نصرة الحريات والديمقراطية"، في الوقت الذي يذيق زعماء الولايات المتحدة واوروبا واسرائيل، الموت الزؤام لاهلنا في فلسطين منذ اکثر من(64 سنة )، مع انهم يناضلون من اجل تحرير الوطن من الاحتلال الصهيوني الغاشم ، ويکابدون الاهوال للتخلص من ارهابه المنظم.
حميد حلمي زادة